معاشر المسلمين ربنا جل جلاله يخلق ما يشاء ويختار
قال الله سبحانه وتعالى وربك ما يشاء ويختار
ما كان لهم الخيرة
الله جلال جل جلاله خلق الخلق واصطفى منهم انبياء واصفياء واولياء
وخلق الاماكن واصطفى منها وشرف منها
مكة المدينة وبيت المقدس وخلق الازمنة وشرف منها ازمنة فاضلة جعل من حكمته جل جلاله العمل الصالح فيهن خير واحب اليه منه في غيرها
فله سبحانه وتعالى الاختيار والاصطفاء وهو اعني الاختيار والاصطفاء من خصائص الرب جل جلاله
اعلموا عباد الله انكم في زمان شريف فاضل شرفه الله
واختاره واصطفاه هذه العشر عشر من ذي الحجة اقسم الله سبحانه وتعالى بها والله جل جلاله لا يقسم الا بمعظم عنده
قال الله جل جلاله والفجر وليال عشر والشفع والوتر الليل اذا يسر
قال ابن كثير رحمه الله تعالى الليالي العشر التي اقسم الله بهن هن عشر ذي الحجة
قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف ويروى عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه انه قال الليالي العشر عشر من ذي الحجة والشفع هو يوم النحر والوتر هو يوم عرفة
من فضل هذه الايام ان الله سبحانه وتعالى اقسم بهم
وقال الله جل جلاله في سورة الحج ليذكروا الله ليذكروا اسم الله في ايام معلومات
في ايام معلومات على ما من بهيمة الانعام والايام المعلومات هن عشر من ذي الحجة
وقد روى البخاري رحمه الله تعالى وابن خزيمة من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من ايام العمل الصالح فيهن احب الى الله منه في هذه الايام
قالوا ولا الجهاد في سبيل الله
قال صلى الله عليه وسلم ولا الجهاد في سبيل الله
الا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء
خرج مجاهدا في سبيل الله قتل في سبيل الله ولم يبقى له مال
لم يجعل لورثته شيء
جاد بنفس وبماله
هذه الصور الوحيدة التي تفضل تفضل عمل المسلم في هذه العشر
وجاء في مسند الامام احمد من حديث مجاهد عن ابن عمر رضي الله ما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من ايام اعظم عند الله ولا احب عنده العمل منه في هذه العشر
فاكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد
في هذا الحديث يبين لنا نبينا صلى الله عليه وسلم
ويرشدنا الى اخص الاعمال التي يحبها الله جل جلاله في هذه العشر
هو اللهج بذكر الله سبحانه وتعالى
التهليل لا اله الا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
التكبير ان يكبر المسلم ويظهر التكبير في هذه العشر تحميد ان يحمد الله جل جلاله هذا من اخص الاعمال
ذكر الله جل جلاله
لا يكلف المسلم شيئا لا مال ولا جهد وانما يتطلب قلبا حيا عامرا بمحبة الله
فينطلق اللسان بذكر الله جل جلاله
علق البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه عن ابن عمر وابي هريرة رضي الله عنهما
انهما كانا يخرجان في هذه العشر
يخرجان الى السوق فيكبران فيكبر الناس بتكبيرهما
غرضا من الخروج للسوق ان يظهروا هذه الشعيرة
شعيرة التكبير وذكر الله سبحانه وتعالى
فاذا رأى الناس تكبيرا الصالحين القدوات لهجوا بالتكبير والحمد لله سبحانه جل في علاه فاظهروا يا عباد الله التكبير والتحميد والتهليل في العشر واعلموا عباد الله ان في هذه العشر يشرع التكبير المطلق ويقصد بالتكبير المطلق ان يكبر المسلم في المسجد وفي البيت وفي سوقه وفي اي يشرع فيه ذكر الله سبحانه وتعالى ويظهر التكبير لان التكبير في هذه الايام هو من الشعائر يعني انه من الامور التي يحب الله سبحانه وتعالى تظهر وان تشتهر بين الناس
هذا تكبير مطلق
يبدأ من دخول العشر
التكبير المطلق يبدأ من دخول العشر الى صلاة الفجر يوم في يوم عرفة فاذا صلى الناس صلاة الصبح في اليوم التاسع من يوم عرفة يبدأ التكبير المقيد مع المطلق والمقصود بالتكبير المقيد ان يكبر بعد الصلاة بمعنى في هذه العشر اذا فرغت من الصلاة تذكر الاذكار المشروعة التي تذكرها في سائر الايام فاذا فرغت من اذكارك تشرع التكبير اما من فجر يوم عرفة
فاذا سلم الامام وفرغت من صلاتك تظهر التكبير فتكبر من فجر يوم عرفة يبدأ التكبير المقيد مع التكبير المطلق الى غروب شمس اخر ايام التشريق وهو اليوم الثالث عشر فصلاة المغرب في يوم الثالث عشر ينقطع التكبير ما يكبر بعد هذه الصلاة
اما قبلها من صلاة الفجر يوم عرفة الى اخر ايام التشر الى صلاة العصر فهذا يكون التكبير المقيد والمطلق ينتهي بانتهاء المسلم او شروعه بصلاة مغرب يوم الثالث عشر من ذي الحجة هذه سنة يا عباد الله فاظهروها واعلموا ان المكثر من التكبير هذا دليل على تعظيم الله سبحانه وتعالى وانه لا محبة لربه جل جلاله مستجيب لامره معاشر المسلمين
هذه الايام العمل الصالح له ميزة وله فضل عند الله عز وجل
فماذا يفعل المسلم في هذه العشر? اعظم ما يفعل في هذه العشر يا عباد الله حج بيت الله الحرام
جاء في الصحيحين من حديث ابي صالح السمان عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العمرة الى العمرة كفارة لما بينهن والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة وجاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته امه وفي لفظ رجع من ذنوبه كي امي ولدته امه وهذه العشر انما فضلت كما يقول العلماء لمكان اجتماع كل العبادات فيها هذه العشر كل العبادات تجتمع فيها العشر الاواخر من رمضان ليس فيها حج
وهذه العشر فيها الحج ويشرع فيها الصيام والصلاة وسائر الاعمال الصالحة
واعلموا يا عباد الله ان كثيرا من المسلمين اذا دخلت الاواخر من رمظان اجتهد وعظم هذه العشر في قلبه وهي حرية بالتعظيم وحق له ذلك فهي ليالي شريفة وفضلها عظيم اعلمتم يا عباد الله ان العلماء قد اختلفوا الافضل العشر الاواخر من رمضان ام العشر الاوائل من ذي الحجة? على ثلاثة اقوال
ثالثهما ان نهار عشر ذي الحجة افضل من نهار العشر الا من رمضان وان ليالي العشر الاواخر من رمضان افضل من هذه الليالي ليالي العشر من ذي الحجة
سقت هذا الخلاف لنعلم عظم هذه الايام الى ما تقدم من قول الله سبحانه وتعالى
وقول النبي صلى الله عليه وسلم معاشر المؤمنين اعلموا ان احب الاعمال ان تتقرب بها الى ربك الفرائض
جاء في الحديث القدسي في البخاري من حديث عطاء عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله من عاد لي وليا فقد اذنته بالحرب
وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه
ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه
فاذا احب كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لاعطينه
ولئن استعاذني لاعيذنه وما ترددت في شيء
في قبض نفس عبد المؤمن يكره الموت وانا اكره مساءته
فاذا يا عباد الله احرصوا على الفرائض الصلاة عظموا الصلاة بكروا للصلاة انتظروا الصلاة بعد الصلاة كذلكم الرباط كذلكم الرباط
جاء في صحيح مسلم من حديث العلاء ابن عبد الرحمن عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ادلكم على ما يمحو الله به الخطايا? ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله
قال اسباغ الوضوء على المكاره
وفي لفظ اسباغ الوضوء على السبرات
وفي لفظ اسباغ الوظوء على الكريهات
وكثرة الخطى الى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط الذي يجلس في المسجد لا يحبسه الا لا يريد ان يخرج من المسجد هو ينتظر الصلاة
هو في رباط كانه في الجهاد مرابط في سبيل الله
هذا كلام من يقول الكلام على الحقيقة لا مجازفة فيه
كلام محمد صلى الله عليه وسلم
يقول فذلكم الرباط ويكررها ثلاثا تجلس في المسجد تنتظر الصلاة
انت مرابط
الملائكة تدعو لك
تستغفر لك
تقول اللهم ارحمه
اللهم اغفر له
ما دامت الصلاة تحبسك
فهذا من الاعمال الفاضلة
في هذه العشر من الاعمال الفاضلة يا عباد الله في هذه العشر الصيام الصيام اجره عظيم عند الله سبحانه وتعالى جاء في الصحيحين من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله كل عمل ابن ادم له الا الصوم فانه لي وانا اجزي به
فالصوم لله يجزي به وجاء في مسلم
من حديث النعمان ابن ابي عياش عن سعيد الخضري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا
قال الامام النووي رحمه الله تعالى وهو من اعيان علماء الشافعية
يستحب صيام هذه الايام استحبابا شديدا
وتاج هذه الايام في الصيام يوم عرفة وله شرف وفضل ومزية
فيشرع صومه لغير الحاج
فجاء في صحيح مسلم من حديث ابي قتادة الطويل ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال يكفر الله به السنة الماضية والقابلة فصيام يوم واحد اجره عظيم تكفير سنتين والفضائل يا عباد الله لا تدرك بالقياس
فضل الله سبحانه وتعالى طاء واسع وعظيم فتعرضوا لفضل الله في هذه الايام
معاشر المسلمين من العبادات التي يشرع في هذه العشر سنة الاضحية وهي سنة مؤكدة
تشرع للرجال والنساء ويكفي للرجل عن نفسه واهل بيته والمرأة عن نفسها واهل بيتها شاة شاة فقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين اقرنين املحين احدهما عن نفسه وعن اهل بيته والاخر عن من وحد الله من امته ضحى الصلاة والسلام والاضحية سنة مؤكدة
اكدها النبي صلى الله عليه وسلم باحاديث كثيرة
فمن كان عنده جدى وسعى فلا يترك هذه السنة
وليعظمها في نفسه وفي نفسه اولاده فمن احب الاعمال في يوم النحر وسمي يوم النحر هو العج والثلج والثج هو كثرة الاراقة دماء الاضاحي والهدايا لله سبحانه تعالى معاشر المؤمنين جاء في صحيح مسلم من حديث ام سلمة انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخلت اذا دخل عشر اذا دخل شهر ذي الحجة فاراد احدكم ان يضحي فلا يأخذن وفي لفظ فلا يمسن من اظفاره وشعره وبشره شيء
فالسنة وذهب جمع من اهل العلم الى الوجوب ان لا يأخذ المضحي شيئا من بس واظفاره وشعره وهذا لا يسمى احراما كما يسميه بعظ العوام هو ليس احرام وانما جاء الامساك عن هذه الاشياء ومن اخذ شيئا منها ليس قادحا في اضحيته بعض الناس ربما اذا اخذ قال اذا ساصرف النظر عن الاضحية وهذا خطأ
ويبدأ الامساك عن هذه الاشياء منذ ان يعزم على الاضحية
فاذا عزم من اول الشهر امسك
فاذا عزم في اليوم الرابع او الخ امسك حين يعزم والذي يمسك هو الذي يدفع المال وليس الموكل
بعض الناس ربما يسافر او يذهب للحج ويوكل غيره بالاضحية
فهذا الوكيل لا عليه الامساك وانما الامساك يكون على من دفع من دفع المال اصالة
نسأل الله عز وجل ان يتقبل منا ومنكم صالح القول والعمل وان يعيننا في هذه العشر على ذكره وشكره وحسن عبادته انه ولي ذلك والقادر عليه اقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم