روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا شدَّادُ بنُ أوسٍ! إذا رأيتَ النَّاسَ قد اكتنزوا الذَّهبَ والفضَّةَ؛ فاكنِز هؤلاء الكلماتِ: اللَّهمَّ! إنِّي أسألُك الثَّباتَ في الأمرِ، والعزيمةَ على الرُّشدِ، وأسألُك موجِباتِ رحمتِك، وعزائمَ مغفرتِك، وأسألُك شُكرَ نعمتِك، وحُسنَ عبادتِك، وأسألُك قلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، وأسألُك من خيرِ ما تعلَمُ، وأعوذُ بك من شرِّ ما تعلَمُ، وأستغفرُك لما تعلَمُ؛ إنَّك أنت علَّامُ الغيوبِ.
هَذَا اَلْحَدِيثِ حَسَنْ بِمَجْمُوعِ طَرْقِهِ.
حَدِيث عَظِيمٍ بَيَّنَ لَنَا رسول اَللَّهُ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَهُوَ يُرْشِدُ شَدَّادْ ابْنُ أَوْسْ وَهَذَا لَهُ وَلِسَائِرِ اَلْأُمَّةِ هَذَا اَلْكَنْزِ اَلْعَظِيمِ اَلَّذِي يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَعَامَلَ مَعَهُ كَمَا يَتَعَامَلُ أَرْبَابُ اَلْأَمْوَالِ وَأَرْبَابِ اَلْكُنُوزِ مَعَ كُنُوزِهِمْ.
أَنْتَ أَيُّهَا اَلْمُسْلِمُ تَعَامُل مَعَ هَذَا اَلدُّعَاءِ كَمَا يَتَعَامَلُ أَهْلَ اَلْأَمْوَالِ مَعَ أَمْوَالِهِمْ وَكَمَا يَتَعَامَل أَهْلَ اَلذَّهَبِ مَعَ ذَهَبِهِمْ وَأَصْحَابِ اَلْكُنُوزِ مَعَ كُنُوزِهِمْ إِذَا اِكْتَنَزَ اَلنَّاسُ اَلدُّنْيَا اِكْتَنَزَ أَنْتَ هَذِهِ اَلْكَلِمَاتِ.
هَذِهِ اَلْكَلِمَاتِ اَلْعَظِيمَةِ دُعَاءً إِلَى اَللَّهِ وَابْتِهَالٍ إِلَيْهِ بِأُمُورٍ إِذَا حَصَلَتْ لِلْعَبْدِ فَلَا تَسُلُّ -أَخِي اَلْمُسْلِمَ- عَنْ سَعَادَتِهِ وَرَاحَتِهِ وَطُمَأْنِينَتِهِ أَوْلَى هَذِهِ اَلْكَلِمَاتِ اَلَّتِي أَمَرَنَا أَنْ اِكْتَنَزَهَا.
اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ اَلثَّبَاتَ فِي اَلْأَمْرِ: اَلثَّبَاتِ فِي اَلْأَمْرِ أَيْ اَلثَّبَاتِ عَلَى اَلْإِسْلَامِ اَلثَّبَاتِ عَلَى اَلسَّنَةِ اَلثَّبَاتُ عَلَى اَلْعَمَلِ اَلصَّالِحِ اَلثَّبَاتِ عَلَى تَقَوَّى اَللَّهُ، عَلَى خشيته.
اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ اَلثَّبَاتَ، نَحْنُ يَا عِبَادُ اَللَّهِ مَسَاكِينُ لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُثْبِتَ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَنَا اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – نَحْنُ اَضعَفْ أَنَّ نثبت عَلَى دِينِ اَللَّهِ إِلَّا بِسُؤَالِ اَلْمَعُونَةِ، وَطَلَبِهَا مِنْ اَللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – فَإِنَّ لَمْ يُثْبِّتْ اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَبْدُهْ فَلَا ثَبَاتَ لَهُ.
أَلَمٌ تَسْمَعُوا لِقَوْلِ اَللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – لِرَسُولِهِ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
قَالَ اَللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا
اَلْحَدِيثُ عَنْ مَنْ؟ اَلْحَدِيثُ عَنْ مُحَمَّدْ بْنْ عَبْدِ اَللَّهْ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوَّلُ مِنْ يَفْتَحُ اَلْجَنَّةَ، صَاحِبَ اَلشَّفَاعَةِ اَلْعُظْمَى أَحَبَّ عِبَادُ اَللَّهِ إِلَيْهِ أتقى اَلْخُلُقُ، اَللَّهُ يَقُولُ لَهُ وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا.
فَمُحَمَّدْ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لَيْسَ بِمَأْمَنِ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَدْعُو – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَوْ مِنْ أَكْثَرِ دُعَائِهِ: يَا مَقْلَبُ اَلْقُلُوبِ ثَبَتَ قَلْبِي عَلَى دِينكْ.
هَذَا اَلْحَدِيثِ رُوِيَ عَنْ جَمْعِ مِنْ اَلصَّحَابَةِ رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَهْ، وعَائِشَة، وَأَنَسْ، وَهَؤُلَاءِ مُلَازِمُونَ لَهُ زَوْجَاتِهِ وَخَادِمُهُ وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِمْ أَنَّ اَلنَّبِيَّ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَانَ هَذَا اَلدُّعَاءِ كَثِيرًا مَا يَدْعُو بِهِ.
أُمُّ سَلَمَهْ سُئِلْتُ، سَأَلَهَا شَهْرُ ِبْنِ حَوْشِبْ عَنْ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَدْعُو عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَتْ: -أُمٌّ اَلْمُؤْمِنَينِ أُمِّ سَلَمَهْ- كَانَ أَكْثَرَ مَا يَدْعُو يَا مَقْلَبُ اَلْقُلُوبِ ثَبَتَ قَلْبِي عَلَى دِينكْ. قَالَتْ: فَقَلتُ لهُ: تُكْثِرُ مِنْ دُعَاءٍ يَا مَقْلَبُ اَلْقُلُوبِ ثَبَتَ قَلْبِي عَلَى دِينكْ قَالَ يَا أُمّ سَلَمَهْ أَنَّ اَلْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعَ اَلرَّحْمَنِ كَيْفَ يَشَاءُ فَمَنْ فَمِنْ شَاءَ أَقَامَ وَمِنْ شَاءَ أَزَغَ وَفِي لَفْظِ: مِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَمِنْ شَاءَ زَاغَهْ أَوْ أزَاغَهْ.
عَنْ عَائِشَة اَللَّهِ عَنْهَا قَالَتْ لَهُ: مَا أَكْثَرُ مَا تَدْعُو بِهَذَا اَلدُّعَاءِ؟ فَقَالَ لَهَا: إن اَلْقُلُوبَ بَيْنَ أَصَابِعَ اَلرَّحْمَنِ أَوْ إنَّ قُلُوبَ اَلْعِبَادِ بَيْنَ أصَابِعَ اَلرَّحْمَنِ وَفِي لَفْظٍ أنه قَالَ لَهَا وَمَا يَؤُمُّنِي وَمَا يَؤُمُّنِي أَنَّ اَلْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعَ اَلرَّحْمَنِ جَاءَ عَنْ أَنَسْ أَنَّهُ قَالَ مَا أَكْثَرُ مَا تَدْعُو يَا رَسُولُ اَللَّهِ يَا مَقْلَبُ اَلْقُلُوبِ ثَبَتَ قُلُوبَنَا عَلَى قَدْ أَمَّنَا بِكَ وَصَدَّقْنَاكُ تَخَاف عَلَيْنَا؟ أَنَسْ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَخَافُ عَلَيْنَا ؟ قَالَ نَعَمْ نَعَمْ اَلرَّسُولُ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَخَافَ عَلَى اَلصَّحَابَةِ أن تزيغ قلوبهم
هَذِهِ اَلْقُلُوبِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعَ اَلرَّحْمَنِ يُصْبِحُ اَلرَّجُلُ مُسْلِمًا وَيُمْسِي كَافِرًا يُمْسِي كَافِرًا يَبِيعُ دِينُهُ بِعَرْضٍ مِنْ اَلدُّنْيَا قَلِيلاً عَرْضَ بِمَالٍ قَلِيلٍ يَكْفُرُ بِاَللَّهِ يَنْحَرِفُ يُضِلُّ عَنْ دِينِ اَللَّهِ هَذَا كَلَامُ مُحَمَّدْ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – هَذَا يُوجِبُ لِلْعَبْدِ اَلْخَوْفِ إِذَا سُمِعَتْ اَلثَّبَاتَ عَلَى اَلدِّينِ لَا تَظُنُّ أَنَّ اَلْمُخَاطَبَ أُنَاسَ آخَرُونَ أَنْتَ مُخَاطِبٌ بِهِ أَنَا وَأَنْتَ يَجِب يَجِبُ أَنْ نَخَافَ عَلَى أَنْفُسِنَا مَا يَأْمَنُ اَلْإِنْسَانُ يَقُومُ اَلَّذِي كَانَ يُحَافِظُ عَلَى اَلصَّلَاةِ يَقُومُ يَكْرَهُ اَلصَّلَاةَ يَكْرَهُ اَلْمَسَاجِدَ هَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ اَللَّهِ ظَمْآنَةً ؟ لَا وَاَللَّهُ اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – قَصَّ لَنَا قِصَصُ أُنَاسٍ فِي اَلْقُرْآنِ كَانَ لَهُمْ مَقَامَاتٌ عَظِيمَةٌ عِنْدَ اَللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – اِنْحَرَفُوا ضلُّوا اِنْسَلَخُوا اِنْسَلَخُوا عَنْ اَلدِّينِ قَالَ اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – وَاتْلُ عَلَيْهِمْ اَلَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا جَاءَ فِي اَلتَّفْسِيرِ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ اِسْمَ اَللَّهِ اَلْأَعْظَمِ وَكَانَ مُجَابٌ اَلدُّعَاءِ آتَاهُ اَللَّهُ آيَاتِهِ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأُ اَلَّذِي أَتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَاتْبَعْهُ اَلشَّيْطَانَ فَكَانَ مِنْ اَلْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى اَلْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمِثْلُهُ كَمَثَلِ اَلْكَلْبِ أَنْ تَحْمِلَ عَلَيْهِ يَلْهَثُ أَوْ تَتْرُكُهُ يَلْهَثُ ذَلِكَ مِثْلٌ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ كَذَبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ اَلْقِصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – بَيَّنَ أَنَّ اَلرَّاسِخِينَ فِي اَلْعَلَمِ مَدْحَهُمْ بِالرُّسُوخِ فِي اَلْعَلَمِ يَعْلَمُ آيَاتِ اَللَّهِ وَيَعْلَمُونَ قَدْرَ اَللَّهِ وَعَظَمَةِ اَللَّهِ يَدْعُونَ اَللَّهُ بِأَيِّ شَيْءٍ قَالَ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – وَالرَّاسِخُونَ فِي اَلْعَلَمِ يَقُولُونَ آمِنًا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يُذْكَرُ إِلَّا أُولُو اَلْأَلْبَابِ رَبَّنَا لَا تَزِيغُ قُلُوبَنَا بُعْد إِذْ هَدَيْتُنَا وَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةِ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهَّابْ إِذَا كُنْتُ تَخَافُ مِنْ تَقَلُّبِ اَلْقَلْبِ وَانْصِرَافِهِ عَنْ عَنْ دِينِ اَللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – هَذَا دَلِيلٌ عَلَى حَيَاةِ اَلْقَلْبِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ اَلْإِيمَانِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى اَلْيَقِينِ بِاَللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – وَإِذَا كَانَ اَلْإِنْسَانُ بِمَأْمَنِ أَنْ يَفْتِنَ عَنْ هَذَا اَلدِّينِ فَلِيُرَاجَع إِيمَانهُ وَلِيُرَاجِعَ يَقِينُهُ فَانِيًا أَوْلِيَاءَ اَللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – مِنْ اَلْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ كَانُوا أَخْوَفَ مَا يَخَافُونَ أَنْ يَفْتِنُونَ عَنْ هَذَا اَلدِّينِ وَيَفْتِنُونَ عَنْ هَذَا اَلْإِيمَانِ أَلَم تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِي يُوسُفْ – عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ – فِي آخِرٍ حَيَاتهَ لِمَا جَمَعَ اَللَّهُ لَهُ وَالِدَيْهِ أَبَوَيْهِ وَإِخْوَتَهُ قَالَ – عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ – فِيمَا يَحْكِيهُ اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – رَبِّي قَدْ أَتَيْتُنِي مِنْ اَلْمَلِكِ وَعَلِمَتْنِي مِنْ تَأْوِيلِ اَلْأَحَادِيثِ فَاطِرٌ اَلسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تُوُفِّيَنِي مُسْلِمًا وَالْحَقْنِي اَلْمَسْأَلَةَ اَلثَّانِيَةَ مِنْ اَلْمَسَائِلِ اَلَّتِي عَلَّمَنَا رَسُولُ اَللَّهِ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنْ نَدْعُوَ بِهَا بَلْ إِنَّ نَكْتَنِزُهَا إِذَا اِكْتَنَزَ اَلنَّاسُ اَلذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ اَلْعَزِيمَةُ عَلَى اَلرُّشْدِ تَسْأَلُ اَللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ أَنْ يَعْقِدَ قَلْبُكَ عَلَى إِمْضَاءِ مَا هُوَ رُشْدْ مَا فِيهِ صَلَاحُ وَخَيْرُ وَفَلَّاحْ وَاسْتَقَامَ وَحُسْنِ تَدْبِيرٍ فِي شَأْنِ اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ هَذَا هُوَ اَلرُّشْدُ وَالْعَزِيمَةُ أَنْ تَعْقِدَ اَلْقَلْبَ عَلَى إِمْضَاءِ اَلْأَمْرِ وَانْ تَجِدُ فِي ذَلِكَ أَنْ تَجِدَ وَتَجْتَهِدُ فِي إِمْضَاءِ اَلرُّشْدِ وَالنَّاسِ يَا عِبَادُ اَللَّهِ فِيمَا يَعْزِمُونَ عَلَيْهِ وَيَعْقِدُونَ قُلُوبَهُمْ فِي إِمْضَاءَهُ
وَيَجِدُونَ فِي تَحْقِيقِهِ مَشَارِبَ كَثِيرَةً مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ عَلَى اَلْغَيْرِ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ عَلَى اَلْغَيِّ قَلْبَهُ مَعْقُودٌ عَلَى إِمْضَاءِ اَلْبَاطِلِ وَامُظَاءْ اَلْغَيُّ وَامُظَاءْ اَلضَّلَالُ وَهُوَ جَادٌّ فِيهِ وَاَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – ذَكَرَ لَنَا فِي اَلْقُرْآنِ أَمْثِلَةً كَثِيرَةً عَلَى هَؤُلَاءِ اَلطَّوَائِفِ اَلَّذِينَ لَدَيْهِمْ عَزِيمَةٌ وَلَكِنَّهَا فِي اَلظِّلَالِ وَفِي اَلْغَيِّ وَفِي اَلْبَغْيِ اَللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – ذَكَرَ لَنَا أَعْدَاءُ اَلرُّسُلِ فِي اَلْقُرْآنِ كَيْفَ عَادُوا أَنْبِيَاءُ اَللَّهِ ؟ نَاصَبُوهُمْ اَلْعَدَاءُ حَادُوا اَللَّهُ شَاقُّوا اَللَّهُ مُحَادَثَةَ اَللَّهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ فِي حَدِّ وَاَللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي حَدِّ مَشَاقِّهِ اَللَّهَ أَنْ يَكُونَ هُوَ فِي شَقِّ وَاَللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي شَقٍّ قَالَ اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – أَنْ اَلَّذِينَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اَللَّهِ اَلتَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ اَلْمُضَارِعَ صَد وَيَصُدُّ وَسَوْفَ يَصُدُّ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ فِي اَلصَّدِّ عَنْ دِينِ اَللَّهِ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ عَلَى اَلْغَيِّ
وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ عَمَلُهُمْ شَغَلَهُمْ اَلشَّاغِلُ اَلصَّدُّ عَنْ سَبِيلِ اَللَّهِ لَا يَصْلُحُونَ.
وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ يَتَعَاهَدُونَ لَدَيْهِمْ عَزِيمَةٌ عَلَى شَيْءٍ عَلَى أَنْ يَقْتُلُوا نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَاءِ اَللَّهِ جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْآيَاتِ اَلْوَاضِحَاتِ هَؤُلَاءِ لَدَيْهِمْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ عَلَى اَلْغَيِّ مِنْ اَلنَّاسِ مَنْ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ عَلَى اَلْبَاطِلِ وَعَلَى نَشْرِهِ فِي اَلنَّاسِ وَعَلَى إِفْسَادِ اَلْخُلُقِ وَعَلَى أَنْ تُشَيِّعَ اَلْفَاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ فِي ذَلِكَ يُحِبُّ هَذَا يُرِيدُهُ يُنْفِقُ يُنْفِقُ اَلْمَالُ يُنْفِقُ اَلْأَوْقَاتَ لِيَصُدَّ عَنْ سَبِيلِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ هَذَا اَلْمَالِ اَلْمُحَبَّبِ لِلنَّفْسِ يُنْفِقُهُ لَايْ لِأَيِّ شَيْءٍ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اَللَّهِ اَلْمَقْصِدِ أَنْ يَصُدَّ عَنْ سَبِيلِ اَللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ.
هَؤُلَاءِ طَوَائِفَ مِنْ اَلنَّاسِ تَمْحَضْ اَلشَّهْرُ اَلشَّرُّ فِي قُلُوبِهِمْ فَأَصْبَحَتْ لَدَيْهِمْ عَزِيمَةٌ عَلَى اَلْغَيِّ نَسْأَلُ اَللَّهُ اَلْعَافِيَةَ وَالسَّلَامَةَ مِنْ ذَلِكَ يُحِبُّ أَنْ يُفْسِدَ اَلنَّاسُ يُحِبُّ أَنْ يَطْغَى اَلنَّاسُ يُحِبُّ أَنْ يَكْفُرَ اَلنَّاسُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ضَرْب آخَر مِنْ دُرُوبِ اَلنَّاسِ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ فِي شُؤُونِ اَلدُّنْيَا وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَمَلَاذِهَا وَأَكْلِهَا وَشُرْبِ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ يُنْفِقُ أَمْوَال طَائِلَةً فِي اَلذَّهَابِ لِلشَّرْقِ وَالْغَرْبِ وَالتَّمَتُّعِ بِهَذِهِ اَلدُّنْيَا وَالِاسْتِكْثَارَ مِنْهَا لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ فِي ذَلِكَ يُرِيدُ اَلِاسْتِمْتَاعُ فِي هَذِهِ اَلدُّنْيَا لَكِنَّهُ لَا يَرْفَعُ رَأْسًا فِي اَلرَّشَادِ إِذَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمُورٍ تَعُودُ عَلَيْهِ بِمُتْعَةٍ فِي اَلدُّنْيَا وَلَذَّةٍ مِنْ مَلَاذِهَا خَشَعَ لَكَ وَاطْرُقْ لَكَ وَاسْتَمَعَ لَكَ وَأَنْصَتَ وَاتَّبَعَ مَا تَقُولُ وَانْ تَغَيُّرِ اَلشَّأْنِ وَجَرَى اَلْحَدِيثُ عَلَى أُمُورِ مِنْ مَرٍّ كَانَ اَلْأَمْرُ لَا يَعْنِيهُ وَلَا يَسْمَعُهُ فِي اَلْمَجَالِسِ إِذَا ذَكَرَتْ اَلدُّنْيَا فَهُوَ فِي غَايَةِ اَلتَّرْكِيزِ لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَذِهِ اَلدُّنْيَا لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ عَلَى اَلِاسْتِمْتَاعِ بِهَذِهِ اَلدُّنْيَا لَكِنْ إِذَا جَاءَ اَلْأَمْرُ وَالْحَدِيثُ عَنْ أُمُورِ اَلشَّرْعِ عَنْ اَللَّهِ وَعَنْ دِينِ اَللَّهِ وَنُصْرَةِ دِينِ اَللَّهِ وَنُصْرَةِ دَعْوَةِ اَللَّهِ وَالْأَنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ تَظَايِقْ مِنْ اَلْمَجْلِسِ لَا يُرِيدُ أَنْ يَجْلِسَ فِي مِثْلٍ هَذِهِ اَلْمَجَالِسِ هُوَ عَزِيمَتُهُ فِي شُؤُونِ اَلدُّنْيَا فَحَسْبَ وَلَا يَرْفَعُ رَأْسًا بِالرَّشَادِ وَفِي اَلصَّلَاحِ وَفِي اَلِاسْتِقَامَةِ اَلْقِسْمُ اَلثَّالِثُ قِسْم هَدَاهُمْ اَللَّهُ وَوَفَّقَهُمْ إِلَى اَلْعَزِيمَةِ فِي اَلرُّشْدِ أَوْ اَلْعَزِيمَةِ عَلَى اَلرُّشْدِ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ قَوِيَّةٌ فِي كُلِّ أَمْرِ فِيهِ صَلَاحُ لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَرَشَادْ لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ فَتَجِدهُ مِنْ أَحْرَصِ اَلنَّاسِ عَلَى دِينِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – عَلَى تَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ وَالصَّبْرِ عَلَى اَلْأَذَى فِيهِ وَإِنْفَاقِ اَلْأَمْوَالِ فِي دِينِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – مَا يَسْمَعُ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ اَلْخَيْرِ إِلَّا وَيُسَاهِمُ فِيهِ بِالْقَلِيلِ أَوْ اَلْكَثِيرَ لَكِنْ لَا يُرِيدُ أَنْ يَفُوتَهُ بَابُ مِنْ أَبْوَابِ اَلْخَيْرِ يُنْفِقُ وَلَوْ كَانَ اَلْإِنْفَاقُ يَسِيرًا
إِنَّ سَمِعَ سَنَةً مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اَللَّهِ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَانَ أَوَّلَ اَلْمُبَادِرِينَ إِلَيْهَا لَدَيْهِ عَزِيمَةُ قَصْدٍ صَحِيحٍ عَقْدِ قَلْبِهِ عَلَى أَنَّ لَا يَرَى بَابَا أَبْوَابِ اَلْخَيْرِ إِلَّا سَلَكَهُ وَكَانَ أَوَّلُ اَلْوَالِدَيْنِ فِيهِ وَكَانَ أَوَّلُ اَلدَّاعِينَ إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ خَصَّهُمْ اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – بِفَضْلٍ مِنْهُ جَلَّ جَلَالُهُ أَمْرُنَا رَسُولَ اَللَّهِ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – اَللَّهُ هَذَا اَلسُّؤَالِ اَلْعَزِيمَةِ عَلَى اَلرُّشْدِ إِذَا سَمِعَ أَمْرًا مِنْ أُمُورِ اَلرَّشَادِ تَحَرَّكَتْ نَفْسُهُ وَطَاقَةُ نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَسْلُكُ هَذَا اَلطَّرِيقِ وَلِذَا فَإِنَّ هَذَا اَلدُّعَاءِ مِنْ أَعْظَمَ مَا اَلْمُسْلِمُ أَنْ يَسْأَلَ اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – اَلْعَزِيمَةُ عَلَى اَلرُّشْدِ وَنَرَى – بِحَمْدِ اَللَّهِ – فِي اَلْمُسْلِمِينَ قُدُوَاتٍ فِي هَذَا اَلشَّأْنِ أَنْ جِئْتُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَوَاتِ وَالْحِرْصِ عَلَيْهَا رَأَيْتَ أَمْرًا عَجَبًا مِنْ بَعْضٍ مِنْ رُوَّادِ هَذِهِ اَلْمَسَاجِدِ كَيْفَ أَنَّ قَلْبَهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ كَأَنَّهُ بَيْتُهُ لَا تُخْطِئكَ رُؤْيَتهَ فِي مَسَاجِدِ مَسَاجِدِ اَللَّهِ وَبُيُوتِ اَللَّهِ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهَذِهِ اَلْمَسَاجِدِ مِثْلٍ هَؤُلَاءِ لَدَيْهِمْ عَزِيمَةُ اَلرُّشْدِ تَجِدُ مِنْ عِبَادِ اَللَّهِ اَلْحَالِ اَلْمُرْتَحِلِ فِي قِرَاءَةِ كِتَابِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – لَيْسَ فَقَطْ فِي رَمَضَانْ وَإِنَّمَا شُغْلُهُ اَلشَّاغِلُ كِتَابُ اَللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – يَقْرَؤُهُ يَتَعَلَّمُهُ يَتَدَبَّرُهُ يَعْلَمُهُ يَقْضِي اَلسَّاعَاتِ فِي كِتَابِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ عَلَى تَعَلُّمِ كِتَابِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – وَتَعْلِيمُهُ تَجِدُ فِي اَلْمُسْلِمِينَ مَنْ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى اَلْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ سَلَّطَ عَلَى مَالِهِ أَنْ يُهْلِكَهُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ فِي اَلصَّدَقَاتِ وَاَللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – ذَكَرَ لَنَا فِي اَلْقُرْآنِ قَالَ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ هَذِهِ اَلْجُمْلَةِ فِي اَلْقُرْآنِ كَثِيرًا مَا تَذْكُرُ فِي اَلْقُرْآنِ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ قَدَّمَ اَلْجِهَادُ بِالْمَالِ عَلَى اَلْجِهَادِ بِالنَّفْسِ لِأَنَّ اَلْجِهَادَ بِالنَّفْسِ قَدْ لَا يَسْتَطِيعُهُ كُلٌّ لَكِنَّ اَلْجِهَادَ بِالْمَالِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ اَلْآيَاتِ خَاصَّةً بِأَرْبَابِ اَلْأَمْوَالِ وَأَصْحَابِ اَلتِّجَارَاتِ لَا هِيَ كُلُّ اَلْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا يُجَاهِدُ بِهَذَا اَلْمَالِ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ فِي هَذَا اَلْأَمْرِ مِنْ اَلنَّاسِ مَنْ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ فِي صِلَةِ اَلْأَرْحَامِ إِذَا ذَكَرَتْ صِلَةَ اَلْأَرْحَامِ يَتَبَادَرُ إِلَى ذِهْنِكَ أَشْخَاصُ مِنْ جَمَاعَتِكَ وَأَقَارِبِكَ تَقُولُ هَذَا وَاصَلَ لِرَحِمِي هَذَا وَاصَلَ لِرَحِمِي لِكَثْرَةِ صِلَتِهِ بِأَقَارِبِهِ يَصِلُهُمْ بِالْكَلَامِ وَالْفَعَّالِ زِيَارَةَ وَالْهَدَايَا وَالثَّنَاءِ اَلْحَسَنْ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ عَلَى صِلَةِ اَلْأَرْحَامِ مِنْ اَلنَّاسِ مَنْ لَدَيْهِ عَزِيمَةٌ عَلَى بَرِّ اَلْوَالِدَيْنِ فَاحْرِصْ أَخِي اَلْمُسْلِمَ أَنْ تَخْتَبِرَ نَفْسَكَ أَنْ ذَكَرَ بَابُ مِنْ أَبْوَابِ اَلرَّشَادِ وَالصَّلَاحِ كَيْفَ أَنْتَ فِي هَذَا اَلْبَابِ ؟ هَلْ لَدَيْكَ عَزِيمَةٌ فِيهِ ؟ هَلْ لَدَيْكَ قُوَّةٌ فِيهِ ؟ وَأَسْأَلُ اَللَّهَ – عَزَّ وَجَلَّ – صَبَاحًا وَمَسَاءَ سِرِّ وَعَلَانِيَةَ أَنْ يَرْزُقَكَ اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – اَلْعَزِيمَةُ عَلَى اَلرُّشْدِ مِنْ اَلْجُمَلِ قَوْلَهُ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَأَسْأَلُكُ مُوجِبَاتُ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَهَذَا سُؤَالُ مِنْ اَلْعَبْدِ لِلَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – أَنْ يَهْدِيَهُ وَيَرْزُقُهُ وَأَنْ يُوَفِّقَهُ لِأَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ وَخِصَالٍ وَأَحْوَالٍ تُوجِبُ لَهُ رَحِمَهُ اَللَّهُ وَتَعْزِمُ عَلَيْهِ مَغْفِرَةُ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – وَهُوَ دُعَاءُ عَظِيمٌ يَسْأَلُ اَلْعَبْدُ رَبَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ أَنْ يَهْدِيَهُ لِهَذِهِ اَلْأَعْمَالِ وَهَذِهِ اَلْأَفْعَالُ اَلْأَقْوَالَ وَالْخِصَالَ وَالْأَحْوَالَ فَانِي اَلْعَبْدِ قَدْ يَعْمَلُ عَمَلاً صَالِحًا مِمَّا يُرْضِي اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – وَلَكِنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اَلْأَثَرُ كَانَ يَعْمَلُهُ مِرْآةً لِلنَّاسِ أَوْ أَنْ يَعْمَلَهُ وَقَلْبِهِ مَشْغُولٍ لَاهٍ مُلْتَفِتًا عَنْ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – إِلَى دُنْيَاهُ فَهُنَا يَسْأَلُ اَلْعَبْدُ رَبَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ أَنْ يَرْزُقَهُ عَمَلاً يُوجِبُ لَهُ رِضَا اَللَّهِ وَانْ اَللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – يَحُلَّ عَلَيْهِمْ مَغْفِرَتُهُ وَقَدْ جَاءَ فِي اَلْحَدِيثِ أَنَّ اَلرَّجُلَ لِيَتَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رَضْوَانْ اَللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالاً وَفِي رِوَايَةِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَعْنِي كَلِمَةً رُبَّمَا اِعْتَادَ عَلَيْهَا كَلِمَةٌ مِمَّا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ اَلنَّاسِ لَكِنَّهُ قَالَهَا عَلَى وَجْهِ مِنْ اَلْإِخْلَاصِ وَوَجَّهَ مِنْ اَلْحُبِّ لِلَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – وَالْحُبُّ لِعِبَادِهِ وَالنَّصِيحَةِ لِلَّهِ لِلَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – وَلِرَسُولِهِ وَلَائِمَةِ اَلْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتهُمْ تُوجِبَ لَهُ رِفْعَةٌ عَظِيمَةٌ عِنْدَ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – كَلِمَةٌ وَلَا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَسْتَوْجِبُ بِهَا رَضْوَانْ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – قَدْ يَعْمَلُ اَلْعَبْدُ عَمَلاً مِمَّا يَعْمَلُهُ اَلنَّاسُ لَكِنَّ اَللَّهَ يَطَّلِعُ عَلَى قَلْبِهِ فَيَرَى أَنَّ قَلْبَهُ قَدْ اِمْتَلَأَ إِقْبَالٌ عَلَيْهِ وَخُشُوعًا لَهُ وَإِخْلَاصًا لَهُ فَيُوجِب لَهُ بِهَذَا اَلْعَمَلِ اَلَّذِي رُبَّمَا ظَنّهُ عَمَلاً يَسِيرًا يُوجِبُ لَهُ رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ رَجُل يَمْشِي وَيَسِيرُ فِي اَلْأَرْضِ يَرَى شَوْكًا فِي طَرِيقِ اَلْمُسْلِمِينَ يَقُولُ لِمَانِحِي هَذَا عَنْ طَرِيقِ اَلْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ اُنْظُرْ إِلَى هَذِهِ اَلْقُلُوبِ هُوَ لَا يُرِيدُ أَنَّ تَضَرُّرَ أَحَدٍ مِنْ عِبَادِ اَللَّهِ إِمَاطَةَ اَلْأَذَى عَنْ اَلطَّرِيقِ هِيَ أَدْنَى شَعْبِ اَلْإِيمَانِ كَمَا قَالَ اَلنَّبِيُّ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةَ اَلْأَذَى عَنْ اَلطَّرِيقِ هَذَا اَلْحَدِيثِ فِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ بَيْنَ رَجُلٍ يَمْشِي إِذْ رَأَى شَوْكًا فِي طَرِيقِ اَلْمُسْلِمِينَ قَالَ لَانْحِينْ هَذَا عَنْ طَرِيقِ اَلْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ مَا اَلَّذِي تَرَتَّبَ عَلَى هَذَا اَلْعَمَلِ اَلْيَسِيرِ ؟ قَالَ فَشَكَرَ اَللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ لَكِنَّ صَادَفَ حَال قَلْبِيَّةٍ عِنْدَ هَذَا اَلْفَاعِلِ اِسْتَوْجَبَتْ لَهُ هَذِهِ بَغْيًا مِنْ بَغَايَا بُنِيَ إِسْرَائِيلُ تَفْعَلُ اَلْفَاحِشَةُ عَلَى اَلْأَجْرِ أَتَتْ إِلَى بِئْرٍ وَكَانَتْ عَطْشَى فَشَرِبَتْ مِنْهُ فَلَمَّا خَرَجَتْ رَأَتْ كَلْبًا يَلْهَثُ قَالَتْ لَقَدْ بَلَغَ بِهِ مَا بَلَغَ بِي مِنْ اَلظَّمَأِ فَنَزَعَتْ مُوقْهَا فَسَقَتْ لَهُ فَشَكَرَ اَللَّهُ لَهَا فَغَفَرَ لَهَا سُقْتُ كَلْبًا وَالْكَلْبُ فِي شَرِيعَةِ شَرِيعَتِنَا
هُوَ مِنْ اَلنَّجِسَةِ اَلَّتِي لَا يَجُوزُ اِقْتِنَاؤُهَا إِلَّا لِثَلَاثَةِ أُمُورٍ بَيْنَهَا رَسُولُنَا – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَهِيَ بَغِيٌّ وَسَقَتْ مَاءً سُقْتَ مَاءُ اَلْمَاءِ مَبْذُولٍ لِلْجَمِيعِ سُقْتَ مَاءٌ لَكِنْ كَانَ فِيهَا مِنْ اَلِانْكِسَارِ وَالذُّلِّ لِلَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – وَالرَّغْبَةُ فِي اَلْخَيْرِ مَا أَوْجَبَ لَهَا اَلرَّحْمَةُ وَمَا عَزْمٌ عَلَيْهَا عَلَى اَلْمَغْفِرَةِ فَنَسْأَل اَللَّهَ جَلَّ جَلَالَةُ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِهِ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِهِ مِنْ جَمَلِ هَذَا دُعَاءُ اَلْعَظِيمِ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ شُكْرَ نِعْمَتِكَ شُكْر نَعِمَ اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – نَعِمَ اَللَّهُ كَثِيرَةً وَأَنْ تَعْدُوَ نِعْمَةُ اَللَّهِ لَا تُحْصُونَهَا وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةِ فَمِنْ اَللَّهِ هَذِهِ اَلنِّعَمِ اَلَّتِي تَنْزِلُ عَلَيْنَا وَتُغْرِقُنَا صَبَاحَ مَسَاءِ مِنْ رَبِّنَا اَلْمُنْعِمْ اَلْمُتَفَضِّلِ جَلَّ فِي عُلَاهُ مَاذَا يَطْلُبُ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ؟ فِي مُقَابَلَةِ هَذِهِ اَلنِّعَمِ أَنْ نَشْكُرَهَا تَشْكُرُهَا بِالْقَلْبِ فَتَعَلَّمَ أَنَّ هَذِهِ اَلنِّعَمِ مِنْ اَللَّهِ وَحْدَهُ تَشْكُرُهَا بِاللِّسَانِ تُثْنِي عَلَى اَللَّهِ وَتَحَدَّثَ بِهَا تَحَدَّثَ بِنِعَمِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – وَبِالْأَفْعَالِ أَنْ تَسْتَعْمِلَهَا فِي طَاعَةِ اَللَّهِ وَأَلَّا تَفْعَلَ بِهَذِهِ اَلنِّعَمِ اَلَّتِي وَهَبَكَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَغْضَبُ اَللَّهُ مِنْ اَلْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ إِذَا شَكَرَتْ أَخِي اَلْمُسْلِمَ حِفْظَ اَللَّهِ عَلَيْكَ هَذِهِ اَلنِّعْمَةِ وَزَادَكَ مِنْهَا وَأَثَابَكَ عَلَيْهَا فِي اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِذْ تَأْذَنُ رَبَّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَثْنَى عَلَى عَبْدُهْ وَنَبِيُّهُ وَرَسُولُهُ إِبْرَاهِيمْ اَلْخَلِيلْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ إِبْرَاهِيمْ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنْ اَلْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لَانَعَمَهَمْ فَشَكَرَ اَلنِّعَمَ مِنْ اَلْعِبَادَاتِ يَسْأَلُ اَلْعَبْدُ رَبَّهُ أَنْ يُوَفِّقَهُ لِشُكْرِ هَذِهِ اَلنِّعَمِ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ اَلْخُلُقُ لِعِبَادَتِهِ وَمَا خَلَقَتْ اَلْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيُعْبَدُوا وَقَالَ سُبْحَانَهُ اَلَّذِي خَلَقَ اَلْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَنَ عَمَلاً اَلْآيَةَ لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ عَمَلٍ وَإِنَّمَا أَحْسَنَ عَمَلاً اَلْعَمَلَ اَلْحَسَنْ هُوَ مَا تُوَفِّرُ فِيهِ شَرْطَانِ إِخْلَاصُ اَلنِّيَّةِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمُتَابَعَة رَسُولِنَا – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَأَعْظَمُ اَلْعَمَلِ اَلْحَسَنْ هُوَ أَنْ تُعَبِّدَ اَللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَانِيًا لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَكَ تُصَلِّي كَأَنَّكَ تَرَى اَللَّهَ تَقْرَأُ اَلْقُرْآنَ كَأَنَّكَ تَرَى اَللَّهَ تَتَصَدَّقُ كَأَنَّكَ تَرَى اَللَّهَ تَذَكُّرَ اَللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ كَأَنَّكَ تَرَى اَللَّهَ تَسْتَشْعِرُ نَظَرَكَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَانْ اَللَّهِ مُطَّلِعٍ عَلَى أَعْمَالِكَ فَإِنَّ لَمْ تَسْتَطِعْ هَذِهِ اَلْمَرْتَبَةِ مَرْتَبَةَ اَلْمُشَاهَدَةِ يَأْتِي اَلْمَرْتَبَةَ اَلَّتِي بَعْدَهَا مَرْتَبَةَ اَلْمُرَاقَبَةِ فَإِنَّ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَكَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَطَّلِعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمْ
وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
فَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُطَّلِع عَلَى عَمَلِ اَلْعَبْدِ فَلِيُحْسَن اَلْعَبْد عَمَلَهُ بِنَظَرِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَيْهِ مِنْ هَذَا اَلدُّعَاءِ اَلْعَظِيمِ قَالَ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَأَسْأَلُكُ قَلْبًا سَلِيمًا قَلْبًا سَلِيمًا مِنْ اَلْعَقَائِدِ اَلْفَاسِدَةِ مِنْ اَلْإِرَادَاتِ اَلْفَاسِدَةِ لَا كَفْرَ فِيهِ لَا شَرَكَ فِيهِ لَا نِفَاقَ فِيهِ لَا شَكَّ فِيهِ لَا رَيْبَ فِيهِ لَا مَكَانَ لِقَلْبِهِ مِنْ اَلْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ قَلْبَهُ سَالِمْ مِنْ اَلْحِقْدِ وَالْغُلِّ وَالْبَغَضاءْ قَلْبُهُ سَالِمْ مِنْ اَلشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ هَذَا اَلْقَلْبِ هُوَ اَلَّذِي يَنْتَفِعُ صَاحِبُهُ هُوَ اَلَّذِي يَنْفَعُ صَاحِبُهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ اَلْحِرْصِ عَلَى طَهَارَةِ اَلْقَلْبِ عَلَى تَنْقِيَةِ اَلْقَلْبِ لَا يَكُونُ فِي اَلْقَلْبِ نِفَاق أَوْ شَرَكٍ أَوْ كَفْرٍ أَوْ حِقْدٍ أَوْ بِغِطَاءٍ أَوْ شَهْوَةٍ لِأَنَّ هَذِهِ اَلْقُلُوبِ مَحَلَّ اِطِّلَاعِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اَللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ لَا يَنْظُرُ إِلَى هَيْئَاتِ اَلنَّاسِ وَلَا إِلَى لِبَاسِهِمْ وَلَا إِلَى أَجْسَامِهِمْ وَإِنَّمَا إِلَى اَلْقُلُوبِ إِلَى هَذِهِ اَلْقُلُوبِ فَيَجْتَهِدُ اَلْعَبْدُ أَنْ يُنَقِّيَ قَلْبُهُ وَأَنْ يُطَهِّرَ قَلْبُهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ نَظَرِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَوَّل هَذَا اَلِاجْتِهَادِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى هَذَا اَلدُّعَاءِ أَسْأَلُكُ قَلْبًا سَلِيمًا وَلِسَانًا صَادِقًا اَلصِّدْقَ مَرْتَبَتَهَا عَظِيمَةً فِي دِينِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – اَلصِّدْقُ يَهْدِي إِلَى مَرْتَبَةٍ عَالِيَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ أَهْلِ اَلْإِيمَانِ أَلَّا وَهِيَ اَلصِّدِّيقِيَّة يَقُولُ اَلنَّبِيُّ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي اَلْحَدِيثِ اَلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَانِي اَلصِّدْقِ يَهْدِي إِلَى اَلْبَرِّ وَانْ اَلْبَرِّ يَهْدِي إِلَى اَلْجَنَّةِ وَلَا يَزَالُ اَلرَّجُلُ يُصَدِّقُ وَيَتَحَرَّى اَلصِّدْقُ يَعْنِي فِي بَعْضِ اَلْمُوَاطِنِ قَدْ اَلْإِنْسَانَ يَرْغَبُ عَنْ اَلصِّدْقِ قَدْ يُحْرِجُ مِنْ اَلصِّدْقِ قَدْ يَخَافُ مِنْ آثَارِ اَلصِّدْقِ لَا يَتَحَرَّى اَلصِّدْقُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ فِي اَلظَّاهِرِ قَدْ يَكُونُ عَلِي مَلَامَةً
قَدْ أَتَضَرَّرُ بِهَذَا اَلصِّدْقِ يَتَحَرَّى اَلصِّدْقُ وَيَعْلَمُ أَنَّ عَاقِبَةَ اَلصِّدْقِ عَاقِبَةَ عَاقِبَتِهِ اَلْخَيْرَ وَالْفَلَاحَ وَالنَّجَاحَ وَيَتَحَرَّى اَلصِّدْقُ حَتَّى يَكْتُبَ عِنْدَ اَللَّهِ صَدِيقٍ فَنَسْأَل اَللَّهَ لِسَانًا صَادِقًا مِنْ هَذَا اَلدُّعَاءِ وَأَسْأَلُكُ مِنْ خَيْرِ مَا تَعَلَّمَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعَلَّمَ وَهَذَا دُعَاءَ عَامٍ بَعْد دُعَاءِ خَاصٍّ مَا سَبَقَ مِنْ اَلْجُمَلِ هِيَ أَدْعِيَةٌ خَاصَّةٌ وَهَذَا اَلدُّعَاءُ وَهَذِهِ اَلْجُمْلَةُ تَشْمَلُ كُلَّ خَيْرٍ فِي اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ فَأَنْتَ تَسْأَل اَلْخَيْرَاتُ اَلَّتِي يَعْلَمُهَا اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – وَاَللَّهُ يَعْلَمُ كُلُّ شَيْءٍ فَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ وَتَسْتَعِيذ اَللَّه – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – مِنْ اَلشُّرُورِ مِنْ كُلِّهَا دَقِيقَهَا وَجَلِيلُهَا ثُمَّ تَسْأَلُ اَللَّهَ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – مَغْفِرَةُ اَلذُّنُوبِ وَاسْتَغْفَرَكَ لِمَا تَعَلَّمَ فَاَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – يَعْلَمَ أَعْمَالَنَا مُطَّلِعٌ عَلَيْهَا أَعْمَالُ قُلُوبِنَا أَعْمَالُ جَوَارِحِنَا مَا تَنْطَلِقُ بِهِ أَلْسِنَتُنَا مَا نَصْنَعُ فِي لَيْلِنَا وَنَهَارِنَا مَا نَصْنَعُ فِي سَرَّنَا وَجَهَرَنَا يَعْلَمُهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – أَنْتَ بِهَذَا اَلدُّعَاءِ تَتَخَلَّى وَتَبْتَعِدُ عَنْ كُلِّ اَلذُّنُوبِ وَتَعُودُ إِلَى اَللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – فَتَقُولُ وَاسْتَغْفَرَكَ لِمَا تَعَلَّمَ تَتَبَرَّأُ مِنْ كُلِّ اَلذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي إِلَى رَحْمَةِ اَللَّهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَالْعَبْدُ لَا يَزَالُ فِي خَيْرِ وَبِخَيْرِ مَا أَدْمَنَ اَلِاسْتِغْفَارُ وَأَكْثَرُ اَلِاسْتِغْفَارِ اِبْنِ اَلشَّيْطَانِ أَهْلَكَ اِبْنَ آدَمْ بِالْمَعَاصِي وَأُهْلِكُوهُ بِالِاسْتِغْفَارِ فَيَسْتَغْفِرُ اَلْعَبْدُ مِنْ كُلِّ اَلذُّنُوبِ وَهَكَذَا فِي شَأْنِ اَلْأَعْمَالِ أَرْشَدَنَا اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – حَتَّى فِي اَلْأَعْمَالِ اَلصَّالِحَةِ أَنْ نَخْتِمَهَا بِالِاسْتِغْفَارِ أَرَأَيْتُمْ اَلصَّلَاةُ تُصَلِّي لِلَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – وَالصَّلَاةُ عَظِيمَةٌ عِنْدَ اَللَّهِ يُحِبُّهَا وَيُحِبُّ اَلْمُصَلِّينَ أَوَّلَ مَا تَفَرَّغَ مِنْ صَلَاتِكَ تَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ ثَلَاثًا وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ يَقُومُونَ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – طَائِعِينَ يَتْلُونَ آيَاتُهُ يَسْجُدُونَ لَهُ وَفِي آخِرٍ اَللَّيْلِ فِي اَلْأَسْحَارِ يَسْتَغْفِرُونَ فَمِنْ مُوَاطِنِ اَلِاسْتِغْفَارِ عَقِبَ اَلطَّاعَاتِ وَكَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَجْتَرِحَ اَلْعَبْدُ اَلذَّنْبُ وَالْمَعْصِيَةُ يَسْتَغْفِرُ اَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – ثُمَّ يَخْتِمُ هَذَا اَلدُّعَاءِ اَلْعَظِيمِ وَهَذَا اَلْكَنْزُ اَلَّذِي أَرْشَدَنَا إِلَيْهِ رَسُولُ اَللَّهِ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِالتَّوَسُّلِ لِلَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – بِاسْمِهِ اَلْعَلِيمِ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَامَ اَلْغُيُوبِ فَاَللَّهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – عَلَامَ اَلْغُيُوبِ يَعْلَمُ جَلَّ جَلَالُهُ كُلَّ شَيْءِ وَاَللَّهِ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ يَعْلَمُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – اَلسِّرُّ وَأَخْفَى يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِنَا يَعْلَمُ مَا مَا سَتُحْدِثُنَا بِهِ أَنْفُسنَا وَلَوْ بَعْدَ حِينِ يَعْرِفُهُ وَيَعْلَمُهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – فَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ نَسْأَلُ اَللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ – نَسْأَلُهُ جَلَّ جَلَالُهُ اَلثَّبَاتُ فِي اَلْأَمْرِ وَالْعَزِيمَةِ عَلَى اَلرُّشْدِ وَنَسْأَلُهُ مُوجِبَاتُ رَحْمَتِهِ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِهِ وَنَسْأَلُهُ شُكْرًا نِعْمَتَهُ وَحُسْنُ عِبَادَتِهِ وَنَسْأَلُهُ قَلْبًا سَلِيمًا وَلِسَانًا صَادِقًا وَنَسْأَلُهُ مِنْ خَيْرِ مَا يَعْلَمُ.