معاشر المؤمنين نبينا صلى الله عليه وسلم دلنا على كل خير وكل فوز وكل فلاح فمعرفة حديثه وكلامه وهديه باب عظيم من الابواب التي توصل العبد الى الله سبحانه وتعالى
وباب عظيم من ابواب رضا الله جل جلاله فينبغي للمسلم ان يكون عنده شغف بمعرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم
وتطلع الى سماع كلامه صلى الله عليه وسلم
فكلامه كلام وحي
فهو لا ينطق عن الهوى
ان هو الا وحي يوحى
من جوامع كلام النبي صلى الله عليه وسلم
ما اخرجه الامام مسلم من طريق الاعمش عن ابي صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من نفس على مؤمن كربة من كرب من كرب الدنيا
نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة
ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة
ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة
والله في عون العبد
ما كان العبد في عون اخيه
ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما
سهل الله له به طريقا الى الجنة
وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله
يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم
الا نزلت عليهم السكينة
وغشيتهم الرحمة
وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده
ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه
هذا الحديث العظيم اشتمل على سبع جمل
من الهدي النبوي ومن كلام كلام محمد صلى الله عليه وسلم وهي قواعد لاهل الايمان
يمتثلونها في دار الدنيا لتوصلهم الى رضا الله ومغفرة الله ورحمة الله
الجملة الاولى قال صلى الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة
التنفيس قال بعض اهل العلم هو التفريج
ان تفرج عن مكروب كربت وجاء في بعض روايات هذا الحديث من فرج عن مؤمن كربة
ولكن لفظ مسلم من نفس عن مؤمن كربة
ما الفرق بينهما? قال بعض اهل بعض اهل العلم هما بمعنى واحد
وبعضهم قال التفريج هو ان تزيل الكربة عنه بالكلية
واما التنفيس فهو مطلق التخفيف
لا يشترط ان تكشف عنه هذه الكربة وتفرجها عنه
وانما لو سعيت في تنفيسها يعني في تخفيفها يحدث لك هذا الاجر العظيم
فمن سعى في تفريج كرب اخوانه المؤمنين
اخوانه المسلمين كرب في المال في النفس
في حاجاتهم فالله سبحانه وتعالى اكرم الاكرمين
يعاملك بما تعامل به عباده
فيفرج وينفس عنك كربة من كرب يوم القيامة
وقال صلى الله عليه وسلم الجملة الثانية ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة
من منا يا اخوة لا يبحث عن تيسير الله سبحانه وتعالى? ماذا نصنع في ديننا ودنيانا ان لم ييسر لنا الله سبحانه وتعالى
اذا لم ييسر الله سبحانه وتعالى للعبد اموره فلا تسأل عن هلاكه وعن عنته وعن مشقته
كلنا نبحث عن هذا الامر الطريق او من الطرق الموصلة ان ييسر الله سبحانه وتعالى ان تيسر على المعسر
والمعسر في اصطلاح الفقهاء هو من لم ما لا يملك شيئا
والمفلس هو من كانت ديونه اكثر مما يملك
والمقصود بهذا الحديث ليس هو اصطلاح ما اصطلح عليه الفقهاء
وانما في ذلك المفلس والمعسر ومن كان في امره عسر فانك ان ساعدته ويسرت عليه فان الله سبحانه وتعالى ييسر عليك في الدنيا وكذلك ييسر عليك في الاخرة
الجملة الثالثة يا عباد الله من ستر مسلما في الدنيا ستره الله في الدنيا والاخرة
الستر الله سبحانه وتعالى يحب من عباده ان يستروا على على الناس الا يكون الناس
ان لا يكون يتتبع عورات الناس وعثرات الناس وفضائح الناس وانما يكون ساترا لهم
لان رأى خيرا بثه في الناس
وان رأى شرا ستره
هذا الاصل في التعامل مع المسلم الا اهل الفساد
من عرف بالفساد والمجاهرة والمكابرة ومحادة الله ورسوله ومحادة اهل الايمان فمثل هؤلاء لهم حكم اخر فانه لا يشرع لمثل هؤلاء الستر بل يرفع امرهم الى اهل ولايات ويذكر شرهم ليحذر الناس من شرهم ولكن الشأن فيمن تكون منه الزلة بعد الذلة ولا يعرف بهذا فان المشروع والواجب ان يستر والا يبث علم من زلله ومن يسلم من الزلل ومن الخطأ فالمسلم دائما يستر اخوانه المسلمين فهذا خلق له وعادة له لا يبث ما علم من شؤونهم ربما مما لا يسر في المجالس ويتكلم فيه وربما يجلس مع احدهم ويقول هذا بيني وبينك ثم يهتك ستر اخيه المسلم هذا لا يجوز ولا وليس من خلق المسلم وهو متوعد نسأل الله العافية والسلامة بان يتتبع الله عوراته فيفضحه على رؤوس الاشهاد
فكن يا عبد الله ساترا لاخوانك المسلمين
تنل ستر الله جل جلاله في الدنيا والاخرة
والجملة الرابعة من هذا الحديث الذي ينبغي للمسلم ان يكون هذا الحديث في قلبه وبين عينيه
ويقول صلى الله عليه وسلم ومن كان في عون اخيه كان الله في عونه
الله سبحانه وتعالى يحب ان يكون علاقة المؤمنين مبنية على المحبة وعلى الاخوة يقول الله سبحانه وتعالى انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون
العلاقة التي تربط باخيك المسلم هذا المسلم الذي يشهد بان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ان تضمر في نفسك النصح له والعون له تسعى في عونه وفي قضاء حوائجه فان الله وتعالى يكون في عونك ويكون في قضاء حوائجك
كم من الناس هو معلم من معالم الخير اذا ذكر شكر شكر عمله فهو يسعى في حاجات الناس
قدر ما يستطيع بماله وجاهه وشفاعته فمثل هؤلاء فليبشروا بالخير والمعونة من الله سبحانه وتعالى
بل ان بعض الناس قد يصبر على وظائف وهو في غنى عنها
وربما لو تركها لفتح الله سبحانه وتعالى عليه
ولو انصرف الى اعماله الخاصة لتضاعف دخله وانما يبقى في عمله
لما يرى من بركات نفع الناس واعانة الناس فهو يعينهم
ويعاونهم ويقضي حوائجهم فانه يرى من بركات ذلك من الخير في نفسه واهله ورزقه وماله ما الله به عليم
خلافا لمن وضع لخدمة الناس ولكنه نسأل الله العافية والسلامة عثرة في طريق الناس
فهو يسعى سعيا حثيثا
في تعطيل معاملات الناس
وفي حجب حاجاتهم وقضاء حوائجهم
فهذا نسأل العافية والسلامة هذا ربما يكون مستحقا لعذاب لعذاب الله سبحانه وتعالى ومقته والا يكون الله سبحانه وتعالى في عونه فاذية الناس فاذية الناس امرها عظيم عند سبحانه وتعالى ذكرت امرأة عند النبي صلى الله عليه وسلم وذكر من خيرها وعبادتها وفضلها فقال صلى الله عليه وسلم هي في النار فتعجبوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم انها تؤذي جيرانها فاذية الناس
فهي مستوجبة لمعاقبة الله سبحانه وتعالى للعبد
الجملة الخامسة قال صلى الله عليه وسلم ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما
سهل الله له به طريقا الى الجنة
طلب العلم البحث عن العلم الحرص على العلم
يا عباد الله ليس خاصا بالعلماء او بطلبة العلم او من فيما هم
من اهل الخير
طلب العلم فيه اهل الاسلام جميعا متى ما كانت لك نية طيبة في العلم تسلك طريقا تظن ان هذا يوصلك للعلم للعلم بكتاب الله او بسنة النبي صلى الله عليه وسلم هذا السلوك مما يسهل الله سبحانه وتعالى به لك طريقا الى الجنة
ان سمعت محاضرة ان سمعت درسا قرأت كتابا قرأت كتاب الله تفسيره قرأت حديث النبي صلى الله عليه وسلم
هذه القراءة وهذه وهذا الجلوس للسماع لاهل العلم واهل الذكر هذا مما يسلك به طريق به الى الجنة يسلك بك به طريقا الى الجنة فالله الله يا عباد الله بالحرص على العلم فان العلم منه ما هو فرض يجب على كل مسلم ومسلمة
ومنه ما هو نافلة
فهل قضى المسلم وتعلم العلم الواجب عليه مما تصح به عقيدته وتصح به عبادته? ومما يسلم به عبادته معاملته ومعاشرته فهذه مما يجب على المسلم ان يتعلمه فاحرص على تعلم العلم فهو عبادة تتقرب بها الى الله سبحانه وتعالى
وقد قيل لبعض علماء السلف لو لم يبقى من عمرك الا لحظات ماذا تصنع? قال اطلب العلم فاني لا اعلم في النوافل اعظم قربة الى الله من طلب العلم فهو قربة توصلك الى الله سبحانه وتعالى
قال صلى الله عليه وسلم في الجملة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده اربعة اجور عظيمة من الله سبحانه وتعالى ينالها المسلم بماذا? ينالها الجلوس في حلق الذكر والاستماع الى العلم كل هذه الاجور تنزل عليك السكينة الطمأنينة والوقار فقده كثير من الناس كثير من الناس هو في تيه وفي شقاء وفي عذاب داخلي حتى وان صلحت دنياه حتى وان كان ذا مال وذا صحة وذا ولد هو في شقاء في قلبه لماذا? لانه عن نور الله عز وجل هذه المجالس الله سبحانه وتعالى ينزل على اصحابها السكينة والوقار والطمأنينة والراحة والسعادة وغشيتهم الرحمة من منا يستغني عن رحمة الله عز وجل? لو ارتفع عنا ارتفعت عنا رحمة الله جل جلاله طرفة عين لهلكنا يا عباد الله
نحن نقول في اذكار الصباح والمساء اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث
اصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين العبد لو رفعت عنه رحمة الله ووكل الى نفسه طرفة عين لا يستطيع ان يصلح شيئا فهو بالله يصول ويجول برحمة الله سبحانه وتعالى يتكلم برحمة الله يسمع برحمة الله ينظر برحمة يتنفس برحمة الله جل جلاله
فما احوجنا وافقرنا لرحمة الله سبحانه وتعالى
تغشاهم الرحمة وتحفهم الملائكة
الملائكة تبحث في الارظ
تبحث عن اي شيء
تبحث عن مجالس البيع والشراء مجالس اللهو والطرب والغناء واللهو لا والله تبحث عن مجالس الذكر ان لله ملائكة سياحين في الارض يسيحون في الارض يبتغون حلق الذكر فاذا رأوا حلقة نادى بعضهم الى بعض هلموا الى بغيتكم فيتنادون لمجالس الخير ويحفونها حتى يصلون بها الى سماء الدنيا والراوي جعل يده هكذا ان الملائكة فوق الى السماء الدنيا ببركة هذه المجالس
والاجر الرابع وكفى به والله اجرا
ذكرهم الله فيمن عنده
الله جل جلاله ان ذكرته في نفسك ذكرك الله في نفسك
وان ذكرته وفي ملأ ذكرك الله في ملأ خير منه
الله جل جلاله يذكرك باسمك
باي شيء عملته? ماذا صنعت? هل تصدقت بكل مالك? هل قتلت في سبيل الله? لانك جلست مجلسا فيه كلام الله يتلى فيه كلام الله يتدارس فيه كلام الله يذكرك الله جل جلاله في من عنده
فضل عظيم
ابي ابن كعب لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا ابي ان الله يقرئك ويأمرني ان اقرأ عليك سورة البينة
ماذا قال ابي? قال الله سماني لك? قال نعم
فاخذ يبكي ابي بن كعب رضي الله عنه اقرأ الصحابة
اخذ يبكي
الله يذكرك فظل عظيم
يحصل المسلم بالحرص على مجالس الذكر
الجملة الاخيرة والسابعة قال صلى الله عليه وسلم ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه
يوم القيامة لا انساب بينهم
بعض الناس ربما يفتخر بنسبه بماله بصحته بمعارفه بمناصبه هذه كلها يجعلها الله هباء منثورا
من بطأ به عمله يوم القيامة ان لم ترتفع بسبب اعمالك الصالحة
لم لن ترتفع بنسبك ولا بمالك الكفار ظنوا لما اتاهم النبي صلى الله عليه وسلم ودعاهم الى الاسلام? قالوا نحن اصحاب اموال فطالما ان الله فضلنا في الدنيا واعطانا مالا ومنصبا ونسبا فان لنا حظوة عنده يوم القيامة
فرد الله سبحانه وتعالى عليهم في القرآن
قال وما اموالكم ولا اولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى الا من امن وعمل صالحا فاولئك لهم فا اولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات امنون
هذه الاشياء تفاخر بين الناس
الانساب والاموال والمناصب والجاه لا اثر لها عند الله سبحانه وتعالى
الله جل جلاله رفع بلال الحبشي وسلمان الفارسي وفظله وشرفه على اقارب النبي صلى الله عليه وسلم
اعمام النبي صلى الله عليه وسلم وهم اشرف الناس انسابا وهم اخبر الله سبحانه وتعالى انهم في النار ابو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم انزل له سورة في عيبه وعيب امرأته وان مرده الى ذات لهب الى النار وهو من اشرف الناس نسبا اقربهم للنبي صلى الله عليه وسلم
وبلال الحبشي هو من هو? عند الله سبحانه وتعالى وعند رسوله وفي قلوب المؤمنين
وقل مثل ذلك في سلمان الفارسي وغيره ممن حق الايمان فاحفظها يا عباد الله فاحفظوها يا عباد الله
من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
ونفعني واياكم بما فيه من المواعظ والذكر الحكيم
اقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب استغفروه انه هو الغفور الرحيم