التمسك بكتاب الله تعالى

معاشر المؤمنين يقول الله سبحانه وتعالى في اواخر سورة الاعراف بعد ما امر الله سبحانه وتعالى نبيه بان لا يكون في صدره حرج من هذا فقال في مطلع هذه السورة العظيمة الف لام ميم صاد كتاب انزل اليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين
قال سبحانه وتعالى بعدما في هذه السورة حقائق عظيمة من الصراع بين ادم عليه السلام وذريته وابليس وذريته وبين كذب الاقوام كيف كذبوا وما حل بهم من العقاب والمثلات
ثم بين الله سبحانه وتعالى ما عاناه موسى عليه السلام من بني اسرائيل من طغيانهم وفجورهم وكذبهم وت على حرمات الله عز وجل
فقال سبحانه وتعالى في اثناء ذلك وفي اواخر هذه السورة
قال جل جلاله مثنيا على طائفة من عباده المؤمنين
قال جل جلاله والذين يمسكون بالكتاب واقاموا الصلاة انا لا نضيع اجر المصلحين
قال سبحانه وتعالى والذين يمسكون هكذا هي قراءتنا
وقراءة عامة القراء بالتشديد يمسكون وقرأ بعض اهل العلم يمسكون من امسك يمسك واما قراءتنا التي نقرأها يمسكون من مسك يمسك يمسكون بالكتاب وهذه اللفظة فيها زيادة في المبنى دلت على زيادة في المعنى فهم في غاية التمسك بهذا الكتاب يتبعون يؤمنون به يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه
قلوبهم معتزة بهذا الكتاب
يمسك يمسكون بالكتاب
لا يخافون في الله
لومة لائم يمسكون بالكتاب حتى في الازمان الذي يفرط الناس فيها بدينهم
ويتفلتون من احكام شرعهم
فهم طائفة اصطفاهم الله عز وجل
بشدة التمسك بهذا الكتاب بشدة التمسك بالدين
الله سبحانه وتعالى يحب لعباده ان يكونوا اقوياء في اخذهم للكتاب
قال الله سبحانه وتعالى يا يحيى خذوا بقوة وقال سبحانه وتعالى خذوا ما اتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون
اما الذي يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض يعملوا ببعض هذا الدين ويستحي ان يعمل ببعضه فهذا ليس ممن يحبهم الله سبحانه وتعالى ويرضى عملهم
الله سبحانه وتعالى اثنى جل جلاله على الذين يمسكون بالكتاب
ويكون مسكهم للكتاب وللدين وللايمان مسكن قويا محكما فهم لا يجيدون في صدورهم حرج مما في هذا القرآن مما في هذا الدين من اسلامهم فهم يعتزون بالدين يرفعون رؤوسهم بالدين
يظهرون سنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى وان تركها حتى وان استهزأ الناس بهم
يمسكون بالكتاب وهذا اللفظ التمسك
جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم
كما في حديث العرباض ابن سارية
يقول رضي الله كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وهذه صورة بديعة كان الدين شيء يراد ان ينزع منك
اخي المسلم النبي صلى الله عليه وسلم يشبه الدين كانه بشيء يراد ان ينزع منك
يسحب منك بقوة
ماذا عليك ان تصنع? تتمسك به
ان كلت يدي عن التمسك بالدين تعد عليه بالنواجذ كناية عن وجود الصراع
في تمسكك بالدين
هناك صراع اصحاب الشهوات
انت في صراع معهم اخي المسلم
اصحاب الشبهات الذين يشككونك في دينك انت في صراع معهم
فعليك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي
لم يقل لنا صلى الله عليه وسلم اذا الناس فانظروا اي الفريقين اقرب الى الله? اي الفريقين تهوى انفسكم? خذوا بالاخص بالايسر
قال عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي
قال الله سبحانه وتعالى بعدما اثنى على الذين يمسكون بالكتاب
قال والذين يمسكون بالكتاب واقاموا الصلاة
عطف اقامة الصلاة على التمسك بالكتاب
اوليس الذي يمسك بالك كتاب من اولى اولوياته ان يكون مقيما للصلاة فما ذكر اقامة الصلاة بعد ذكر التمسك بالكتاب? اقامة الصلاة من اعظم ما من اعظم صفات الذين بالكتاب وانما خصها الله وذكرها مع دخولها فيما سبق لشرفها واهميتها وعظمها عند الله يا عباد الله يا عباد الله الصلاة عظيمة عند الله الصلاة عظيمة عند الله اقرؤوا كتاب الله
والله تتعجبون من كثرة ما تذكر ما يذكر ما تذكر الصلاة
الله جل جلاله صرف في هذا الكتاب في ذكر الصلاة
ليس نوعا واحدا الله سبحانه وتعالى نوع في ذكر الصلاة في هذا الكتاب
تارة يأمر الله سبحانه وتعالى باقامة الصلاة
في اكثر من مئة موظع يأمرنا الله سبحانه وتعالى بالصلاة
هذا التكرار لماذا? لان الله يحب الصلاة
الله جل جلاله يحب الصلاة
ويريد من اهل الاسلام ان يعظموا هذه الصلاة
يقول الله سبحانه وتعالى واقيموا الصلاة واتوا الزكاة
اقموا الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل
يقول سبحانه وتعالى اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا واقم الصلاة لذكري ايات كثيرة يأمر الله سبحانه وتعالى بها في الصلاة هذه الاوامر المتتابعة ليست حاشا وكلا ان يكرر الله سبحانه وتعالى علينا امرا في القرآن ثم يكون عبثا بعد ذلك
تارة يأمرنا بها تذكر الصلاة في القرآن على سبيل مدح فاعليها
قال سبحانه تعالى قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ثم ذكر صفاتا فقال في اخرها والذين هم على صلواتهم يحافظون اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالد وقال سبحانه وتعالى قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى
قال سبحانه وتعالى ان الانسان خلق هلوعا
اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا الا المصلين
الذين هم على صلاتهم دائمون
ثم ذكر صفات ثم قال سبحانه وتعالى والذين هم على صلاتهم يحافظون اولئك في جنات مكرمون
ثناء ثناء على اهل الصلاة
ذكر الله سبحانه وتعالى الصلاة في القرآن على سبيل تاركيها فقال سبحانه وتعالى في سورة المدثر قال الا اصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين الله سبحانه وتعالى يخبر ان اهل الجنة اذا دخلوا الجنة يتساءلون يسأل بعضهم بعضا عن اي شيء? عن المجرمين يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر? انتم لماذا دخلتم النار? يخاطبون اهل النار ما سلككم في سقر اول صفة قالوا قالوا لم نك من المصلين
ولم نك نطعم المسكين
في اول الايات قال يتساءلون عن المجرمين
اول صفة من صفات المجرمين انهم يصلون
قال الله سبحانه وتعالى في ذم تارك الصلاة
قال جل جلاله فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا
وهذه النتيجة طبيعية
تارك الصلاة من اشد الناس اتباعا فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فان الصلاة يا عباد الله تنهى عن الفحشاء والمنكر ما من عبد يصلي الا وصلاته تنهى عن عن الفحشاء والمنكر بقدر ما يقيم الصلاة بقدر ما تنهاه عن الفحشاء والمنكر
واما الذين يغرقون في الفحشاء والمنكرات فهم ليسوا من اهل الصلاة
ولا يكون ولا يكون لهم شرف هذه الصلاة لانهم غارقون في المنكرات والبعد عن الله سبحانه وتعالى فان الصلاة المصلي فانه تنهاه عن كثير من الفحشاء والمنكر بقدر ما يقيم من هذه الصلاة فالله الله يا عباد الله بتعظيم الصلاة في قلوبكم وفي قلوب اهليكم وفي قلوب من ترون من اهل الاسلام فهي عظيمة عند الله سبحانه وتعالى قال الله جل جلاله في ختام هذه الاية قال انا لا نضيع اجر المصلحين
فالله سبحانه وتعالى لا يضيع اجر المصلحين ولا يضيع اجر من احسن عملا
والله سبحانه وتعالى يقول وما كان الله ليضيع ايمان فالله سبحانه وتعالى يحفظ اعمالك
اعمالك لك ويربيها جل جلاله فهو الكريم جل في علاه
ما لم ينقض عبء العبد هذه الطاعات ويفسدها
فانها ان افسدها العبد كما قال الله سبحانه وتعالى عن طوائف من الناس انهم يحبطون اعمالهم بصور شتى من صور الاحباط احباط العمل انا لا نضيع اجر المصلحين قالوا الله سبحانه وتعالى اجر ولم يقل في هذه الاية اجر الصالحين
كأن هذه الاية فيها اشارة ان الذي يتمسك بالكتاب ويقيم الصلاة لا يكون مجرد صالح فقط
وانما يكون مصلح
هذا الكتاب يأمره بالاصلاح فانه يكون مصلحا لا يرضى ان يكون صالحا في نفسه
بل الايمان الذي في قلبه والتمسك بهذا الكتاب والصلاة التي يحافظ عليها تجعله ماذا يا عباد الله? تجعله ساعيا في الاصلاح
قال الله سبحانه وتعالى واصلح ولا تتبع سبيل المفسدين
وقال سبحانه وتعالى عن اهل الاصلاح عن اهل اصلاح وانهم امان لاهل الارض المصلحون يا عباد الله هم امان لاهل الارض
امان من ان ينزل العقاب على اهل الارض
قال الله سبحانه وتعالى وما كان الله ليهلك القرى بظلم
واهلها مصلح فالمصلحون هم امان لاهل الارض
والله سبحانه وتعالى قال لنا على لسان شعيب لما حاجه قومه اتاهم بالصلاح
قال عليه السلام ان اريد الا الاصلاح ما استطعت
فالانبياء واتباعهم هم اهل الاصلاح
يؤرقهم ان رأوا الفساد
يؤرقهم ان رأوا الكفر
يؤرقهم
ان رأوا البعد عن عز وجل فلذا هم يصلحون حتى وان اذاهم الناس
فما افضل اثرهم على الناس وما اشد اثر الناس عليهم
ربما سعوا في الاصلاح تكون لما في اعراضهم عوقبوا واودوا قيل ان لهم اغراضا واهدافا لا يعلمها الناس
كل هذا من باب ماذا? من باب تشويه سمعتهم
فاجرهم على فالله سبحانه وتعالى لا لا يضيع اجر المصلحين
حتى وان ضاعت الناس
حتى وان تكلموا في اعراضهم
حتى وان اذوهم فان الله لا يضيع اجر المصلحين
والله جل جلاله في مقابل ذلك نهى نهانا عن الفساد في الارض
فقال سبحانه وتعالى ولا تعثوا في الارض مفسدين
هذه الاية تكررت بحروفها في خمسة مواطن في الكتاب العزيز
ولا تعتوا في الارض مفسدين
قالها موسى لقومه
وقال اهود لقوله عاد وقالها شعيب لقومه ثلاث مرات ولا تعثوا في الارض مفسدين
ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها فان هذا من اسباب غضب الله جل جلاله
الفساد في الارض واظهار المنكرات ومحاربة الله سبحانه وتعالى بما نهى عنه هذا مؤذن بخراب الديار فالله الله يا عباد الله فكونوا يا عباد الله من المصلحين فالمصلح ناج بفضل الله سبحانه وتعالى
وهو سبب من اسباب امن اهل الارض
ولا تكونوا من المفسدين
ولا تكثروا سواد المفسدين
نسأل الله عز وجل ان يعيذنا من فساد المفسدين
وترف المترفين وشرك المشركين
وكفر الكافرين
اللهم انا نعوذ بك من فساد المفسدين
ونعوذ بك من ترفيه المفسدين
ومن ترفيه المفترين
ترفيه الفاسدين نعوذ بك من شرك المشركين
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
ونفعني وا بما فيه من المواعظ والذكر الحكيم
اقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب
فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *