معاشر المؤمنين يقول الله سبحانه وتعالى وقال الملك اني ارى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف
وسبع سنبلات خضر واخت يابسات يا ايها الملأ افتوني في رؤياي ان كنتم للرؤيا تعبرون
الله جل في علاه اذا اراد شيئا هيأ له اسبابا
فالله سبحانه يريد ان يخرج يوسف عليه السلام من السجن ويكون ويمكن له في الارض والله سبحانه وتعالى لطيف خبير حكيم
لبث في السجن بضع سنين
ثم ارى الله سبحانه وتعالى الملك رؤيا اقلقته واهمته
حتى قال وقال الملك اني ارى
ولم قل اني رأيت اني ارى تحتمل ان هذه الرؤيا عرظت له في المنام عدة مرات
يرى نفس الرؤيا تتكرر عليه
ويحتمل انه رأى الرؤيا مرة واحدة
ولكنها بين عينيه كانه ينظر اليها
من شدة ثباتها في قلبه
ومن شدة ما اهالته هذه الرؤيا
ارى سبع بقرات سمان
يأكلهن سبع عجاف وهي رؤيا عجيبة
سبع بقرات عجاف هزيلات نحيلات يعدين على سبع بقرات سمان
العجب فيهن ان البقر لا يأكل بعضه بعضا ثم لو قدر ذلك لكان السمين هو الذي يأكل النحيل ولكن هذه الرؤيا بخلاف ذلك النحيلات يأكلن السمينات
وسبع سنبلات خضر
واخر يابسات
جاء في بعض الاسرائيليات ان اليابسات التففن على السنبلات الخضر
فاهمته هذه الرؤيا
قال يا ايها الملأ الملأ هم الذين يملؤون العين والقلب اجلالا
فكأنه جمع الناس
وجمع العلماء وجمع الكهان والسحرة والقاطة جمعهم
وقص عليهم هذه الرؤيا
يا ايها الملأ افتوني في رؤياي
ان كنتم للرؤيا تعبرون
قال بعض اهل ان هذا فيه تهديد ان لا يتكلم من هو جاهل لا يعلم بتعبير الرؤى ان كنتم للرؤيا تعبرون
ماذا كان جوابهم? قالوا اضغاث احلام
اضغاث احلام يعني اخلاط احلام
او اهاويل احلام او الاحلام الكاذبة
وما نحن بتأ الاحلام بعالمين
وهذا منهم على وجه من الجهل والجزم بالجهل
هم اولا لا يعرفون هل هذه رؤيا من الرحمن? ام حلم من الشيطان? ام هو تحديث للنفس? ولكنهم جزموا بانها اضغاث احلام اخلاط لا قيمة لها وما نحن بتأويل الاحلام بعالمين فهي مما لا يلتفت اليه ولا يطلب تعبيره فقد جمعوا بين الجهل والجزم به
وربما الذي دعاهم ان يقولوا هذه هذا الكلام ان يبقوا في حظوة عند الملك والا يحتقرهم بان لاعلم لهم
فقالوا هذا الكلام تجرأا حتى يبقوا على وجاهتهم وجاههم عند الملك
وهذا شأن اهل الجهل
والذين لا يؤمنون بالله واليوم الاخر اما اهل العلم واهل اليقين فانهم لا يأنقون ان ينسبوا العلم الى الله وان يقولوا لا ندري لا نعلم لما لا يعلمونه الامام مالك ابن انس امام دار الهجرة اتاه رجل من المغرب وهو في المدينة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
جمع مسائل اهل المغرب اربعين مسألة
وجاء للامام مالك
سأله في الاربعين مسألة
لم يجب الامام ما لك الا على اربعة مسائل
ستة ست وثلاثين مسألة قال لا ادري
السائل اسقط في يده
قال ما اقول لاهل المغرب
اهل المغرب ارسلوني اليك حتى تجيب على اربعين مسألة
اجبت على اربع
ماذا اقول لاهل المغرب? اقول لهم الامام مالك لا يدري? قال لهم قل للامام مالك لا يدري ما ابردها على القلب
ما ابردها على القلب
الامام مالك وامثاله من العلما
عندما يتكلمون يراعون وقوفهم بين يدي الله عز وجل
قل لهم الامام ما لك لا يدري ما ابردها على القلب
ها نحن نذكرها من محاسن الامام ما لك
لا تظنن ان الانسان اذا قال لا ادري لا اعرف الله اعلم ينقص من مقداره كلا وحاشا
وانما هي رفعة له ان ينسب العلم الى الله
والا يتجرأ ويتكلم بما لا يعلم
قالوا اضغاث احلام وما نحن بتأويل الاحلام بعالمين
وقال الذي نجا منهما والذكر بعد امة
ولاحظ الربط بين قصص هذه السورة الذي نجا من يعني صاحبي السجن الذي اللذين رأيا الرؤيا فكان احدهما قد حكم عليه بالقتل والاخر يسقي ربه خمرا يعني سيكون في حظوة الملك ساق عند الملك الذي نجا منهما وادكر بعد امه يعني تذكر بعد امة يعني بعد حين من الزمن
انا انبئكم بتأويله فارشدون
يعني فارسلوني لان يوسف عليه السلام كان في السجن والسجن المدينة فارسلوني
والاية فيها محذوف هو معلوم في سياق القصة فارسلوه فدخل على يوسف
فقال له يوسف ايها الصديق
الصديق كثير الصدق
افتنا في بقرات سمان يأكلهن سبع عجال وسبع سنبلات خضر واخر يابسات لعلي ارجع الى الناس لعلهم يعلمون
هذا الرجل الذي اول له يوسف عليه السلام الرؤيا قبل سبع سنوات
وقال له اذكرني عند ربك
فانساه الشيطان ذكر ربه
لما جاء ما اعتذر ليوسف قال اطلب منك السماح والعذر لانني لم اذكرك عند الملك
ويوسف عليه السلام لم يقل له لماذا لم اذكرني عند الملك وانت مقرب اليه وتراه صباح مساء
وهذا من كريم اخلاق يوسف عليه السلام
وهذا السائل بعظ بعظ اهل العلم قالوا انه لم يكن على مكانة من الخلق حتى يعتذر ليوسف عليه السلام
يوسف لم يلتفت شيء من ذلك وانما بادر الى تأويل الى تأويل الرؤيا ولم يؤول الرؤيا فقط وانما اولها وعلمهم ماذا يصنعون في هذا البلاء وهذا الجذب الذي سيصيبهم لعلي ارجع الى الناس لعلهم يعلمون يعلمون اي شيء
قيل يعلمون فضلك يا يوسف
وقيل يعلمون ما يصنعون في هذه الرؤيا لان هذه الرؤيا مخيفة
وقد تدل امور تتعلق بشأن الناس جميعا لعلي ارجع الى الناس لعلهم يرون يعلمون
قال تزرعون سبع سنين دأبا
وهذا اخبار بصيغة الامر يعني ازرعوا سبع سنين دأبا والدأب بمعنى العادة كعادتكم
هذا قول ويحتمل دأبا اي اجتهادا
عمل دؤوب تجتهدون في ماذا? في الزرع
تزرعون سبع سنين دأبا
فما حصدتم المحصول فذروه في سنبله
لانه ابقى اليه ولان لا تأتيه جائحة
ولان لا تأتيه افة
فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون
ارشدهم الى العمل والاجتهاد بالعمل والاقتصاد في المصرف
مما تأكلون
ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد
قحط لا مطر فيها
ويصيب شدة سبع سنوات
ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن
الا قليلا مما تحسنون
هذه السبع التي فيها قحط لا يبقى عند شيء الا ما جعلوه وادخروه لهم الا قليلا مما تحسنون يعني تحرزون وتجعلونه في حصن لتبذروا به
ثم قال ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون
قال العلماء هذه الاية او هذا الذي اخبرهم به يوسف في السنة الخامسة عشرة لم تأتي في رؤيا الملك
لم تأتي في رؤيا الملك
الملك رأى سبعا وسبعا
يعني اربعة عشر سنة
والسنة الخامسة عشرة
قيل ان هذا من الوحي الذي اوحاه الله سبحانه وتعالى ليوسف
ليعلم به الناس ويعرف فضله وقيل ان يوسف عليه السلام فهم ذلك ان السبع الشداد لا تنقطع القحط لا ينقطع الا بان يغاث الناس وان وان يكون عام خير لان القحط يحتاج الى زيادة في الغيث والري حتى يزول ذاك القحط قال ثم يأتي من بعد ذلك فيه يغاث الناس وفيه يعصرون من وفرة المحصول فانهم يأكلون وكذلك يعصرون لئلا يفسد ما لديهم من فاكهة وحب وقيل يعصرون يعني يحلبون
فالماشية تشبع من المرعى فتكون صالحة للحلب
هذا الذي قصه الله سبحانه وتعالى في سياق قصة يوسف عليه السلام وان كان مساقها في بيان فضل يوسف وحتى يخرج من السجن وحتى يمكن له في الارض الا ان من بلاغة القرآن انها في ايات قصيرة سيقت لم كثيرة قال اهل العلم بالاقتصاد ان فيها كل النظريات التي يحتاج اليها الناس افرادا وجماعات ودولا ليجتازوا الازمات ويجتازوا التي ربما تصيبهم وتنالهم بسبب نقص الموارد فان الله سبحانه وتعالى من كرمه وجوده لم يخلق الخلق سدا وهملا وانما تكفل الله سبحانه جل في علاه بالرزق
فالرزق له تعلق بالربوبية يا عباد الله
كما قال الله سبحانه وتعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون
ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون
الله هو الرزاق ذو القوة المتين
ويقول سبحانه وتعالى وما من دابة في الارظ الا على الله رزقها
ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين
ابراهيم عليه السلام لما اراد ان يعظ قومه ويبين لهم ان قلوبهم ملتفتة عن عبادة الله الى عبادة الاوثان
قال فاطلبوا فابتغوا عند الله الرزق
واعبدوه واشكر اليه ترجعون
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من المواعظ والذكر الحكيم
اقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه
انه هو الغفور الرحيم