يا مسلم…يا عبد الله…أتريد أن الله يُنفس الله عنك كرب يوم القيامة؟
أتريد أنّ الله ييسر عليك في الدنيا والآخرة؟ تريد أنّ الله يَستر عليك في الدنيا والآخرة؟
أيها الموفق…تريد أن يكون الله في عونك؟ تريد أن الله يَسلك بك طريقًا إلى الجنة، ويُسهل لك طريق الجنة.
أيها المصلي يا عبد الله…أتريد أن تَنزل عليك السكينة؟ أتريد أن تَغشاك الرحمة؟ أتريد أن تَحفك الملائكة؟
هل تريد أن يَذكرك الله في ملئٍ عظيم من ملائكة الله .
استمع رعاك الله، استمع رعاك الله لهذا الحديث:
أخرج الإمام مسلم من حديث الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ: مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ، وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ؛ إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ، وَمَن بَطَّأَ به عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ.
هذا الحديث العظيم من سبعةِ جمل يُبيّن لنا رسول الله ﷺ أنّ من أعظم القربات إلى الله الإحسان إلى عباد الله، أن تُحسن إلى عباد الله.
ديننا يا عباد الله قائم على أصلين:
الأصل الأول الاحسان إلى الله بعبادته وتوحيده.
والإحسان للخلق، ببذل الخير لهم، سترهم، إعانتهم، التيسير عليهم، السعي في حاجتهم.
هذه من الأمور التي يحبها الله ، ويرضى عمن يفعلها.
إعانة عباد الله، مساعدتهم قدر الطاقة وقدر الجهد، هذا من الطرق العظيمة التي توصلك إلى رضا الله .
الله يَرحم من عباده الرحماء، كيف تُعامل عباد الله؟ كيف تعامل الناس من حولك؟، كيف تُعامل المسلمين من حولك؟
إن كنت تعفو فإن الله يعاملك بوفق ومثل ما تعامل به عباده.
فأصل عظيم يا عباد الله في ديننا الإحسان إلى عباد الله .
وهذا الحديث يا عباد الله أصل في فضل طلب العلم:
طلب العلم ليس خاصًا بطائفة من الناس أو أعيانٍ منهم، هي عبادة يتعبد بها كل مسلم لله ، من يريد أن يسهل الله له طريقا إلى الجنة؟ فليلتمس العلم، التماس العلم.
العلم أن تتعلم كلام الله ومعانيه وتتفقه به، تعرف كلام النبي ﷺ تعرف معانيه وتتفقه به، إن حضرت درسًا، سمعت مقطعًا، قرأت مقالًا في أي طريق تسلك مسلكًا به العلم، الله يسهل لك به طريقُا إلى الجنة.
ثم بَيّن النبي ﷺ فضل مجالس الخير، ومجالس الذكر، المجالس التي يقال فيها قال الله وقال الرسول ﷺ.
هذه فضلها عظيم، وأجرها جليل عند الله، أربعة أجور كلها عظيمة عند الله ، تنزل السكينة، الوقار، الطمأنينة، ينزله الله على هذه المجالس، الرحمة تغشاهم، الملائكة تحفهم، الله يذكر من يجلس هذه المجالس.
اصبر نفسك اصبر نفسك على مجالس الذكر، مجالس الخير، تفر عنها إلى أي شيء؟ إلى خير منها؟! لا يوجد في الدنيا مجالس -لا تبحث- أعظم وأجل وأعلى قدرًا من مجالس الذي يذكر فيها العلم، يذكر فيها قال الله وقال الرسول.
لماذا الزهد وهذا العزوف عن هذه المجالس. اجلس اجلس واستمع الخير، الملائكة تستغفر لك. الله يذكرك، الله الله جل جلاله يذكرك.
ما العمل الذي عملته؟ عمل يسير. جلست في مجالس الذكر، استمعت لحديث النبي ﷺ، سمعت لكلام الله .
ليس أمرًا صعبًا، وليس أمرًا ثقيلًا.
عود نفسك على أن تثني ركبك في المجالس التي يذكر فيها الله ، هي طريق لك إلى الجنة، طريق لك إلى أن يذكرك الله فيمن عنده.
كيف هذا العزوف والزهد، يهرب الإنسان منها إلى مجالس قيل وقال وكثرة السؤال، وربما إلى أشياء إن لم تضره في الآخرة ربما لم تنفعه في الدنيا ولا في الآخرة.
فاحرص يا أيها الموفق، احرص على مجالس الخير، ومجالس الذكر، فهي من أعظم الطرق التي توصلك إلى .
قال النبي ﷺ في الجملة السابعة من هذا الحديث: ومن بطأ به عمله لم يسرع به نفسه.
يوم القيامة لا أنساب بينهم فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ.
العمل، عملك الذي سيرفع عند الله ، عملك الصالح الذي سيرضي الله عنك، من بطأ به عمله: قصر به عمله، لم يسرع به نسبه.
نسأل الله أن يجعلنا من الموفقين لكل خير يحبه الله ويرضاه، وأن يسلك بنا طرق النجابة بالحرص على ما ينفعنا في الدنيا والآخرة.