إن من رحمة الله عز وجل بعباده أن بين الله جل جلاله بين لهم ما يحب من عقائد وأقوال وأفعال وبين الله سبحانه وتعالى ما يغضبه ويسخطه من عقائد وأقوال وأفعال.
وإن من رحمة ربنا جل جلاله الرحيم أن كلف العباد بأمور يسيرة ورتب عليها أجور عظيمة.
أعمال يسيرة إذا قالها العبد أو فعلها أو اعتقدها جازاه الله سبحانه وتعالى وكافأه بنعيم عظيم.
ومن ذلك يا عباد الله عبادة قولية يسيرة على اللسان خفيفة عليه ولكن لها قدر عظيم عند الله سبحانه وتعالى فالله يحبها ألا وهي (عبادة الحمد).
الحمد لله رب العالمين افتتح الله سبحانه وتعالى بها كتابه العظيم الذي أنزله على رسولهﷺ الحمد لله رب العالمين .
افتتح بها أعظم سورة في كتابه -عز وجل- الحمد لله رب العالمين .
آخر دعوة أهل الجنة إذا دخلوها دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وأخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين .
هي الكلمة التي تقال إذا انتهى الأمر وقضي قال الله سبحانه وتعالى وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين.
قال العلماء كتاب الله -عز وجل- على أربعة أرباع افتتح الله سبحانه وتعالى كل ربع فيها بحمده جل جلاله.
الربع الأول: افتتحه الله سبحانه وتعالى بالفاتحة الحمد لله رب العالمين .
الربع الثاني: افتتحه الله سبحانه وتعالى بسوره الأنعام فقال في أولها الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون .
والربع الثالث: افتتحه الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف فقال في مطلعها الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا .
والربع الرابع: افتتحه الله سبحانه وتعالى بسورة سبأ وسورة فاطر فقال سبحانه وتعالى: الحمد لله الذي له ما في السماوات وماقي الأرض وله الحمد في الأولى والآخرة وقال سبحانه وتعالى: الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع .
الحمد لله كررها الله سبحانه وتعالى في كتابه كثيراً في نحو ٣٠ موضعاً، يذكر الله ويحمد نفسه العلية في سياقات كثيرة.
الحمد لله فضلها عظيم كبير عند الله ، جاء في صحيح مسلم من حديث أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله ﷺ الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملئ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملئان أو تملئ ما بين السماء والأرض الصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقران حجه لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فعتقها أو موبقها وموضع الشاهد الحمد لله تملئ الميزان.
يا عبد الله، أيها الموحد يامن امتلئ قلبك إيمانًا بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد ﷺ نبياً إن قلت: الحمد لله يملئ الله ميزان أعمالك حسنات، فضل من الله.
كلمة يسيره يقولها العبد الموحد فيحصل له هذا الأجر العظيم من الله . والله الغني الواسع الجواد الكريم، فتعرضوا لنفحات ربكم وللأجور العظيمة التي رتبها على أعمال يسيرة.
كلمتان خفيفتان على اللسان حبيبتان الى الرحمن ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم هذا الحديث ختمه الإمام البخاري صحيحه، وأخرجه كذلك الإمام مسلم.
يقول النبي ﷺ في حديث ابن مسعود قال: لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد اقرأ أمتك السلام واخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وانها قيعان -والقيعان التي لا زرع فيها – وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر. أخرجه الترمذي.
وفي الباب عن أبي أيوب بمثله جاء عن النبي ﷺ في حديث الأسود ابن سليع قال: يا رسول الله ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي -هو حمد الله بأشياء لم يسمعها من النبي ﷺ اجتهد في حمد الله بألفاظ من عنده- فقال: ألا أنشدك بمحامد حمدت بها ربي قال صلى الله عليه وسلم ألا إن ربك يحب الحمد ألا إن ربك يحب الحمد. أخرجه أحمد، والنسائي في الكبرى، والضياء المقدسي في المختارة، وصححه الحاكم.
جاء عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان ما أعطي خير مما أخذ إلا كان ما أعطى خير مما أخذ ما معنى هذا الحديث؟
لو أنعم الله عليك وأعطاك الدنيا وما فيها فقلت الحمد لله رب العالمين، ما أعطيت من هذا الذكر وقدمته أعظم من الدنيا كلها التي أعطاك الله إياها.
فالحمد نعمه عظيمة. وهذا الحديث أخرجه ابن ماجه والضياء في المختارة.
جاء عن أنس والحديث في صحيح مسلم قال ﷺ إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها سبحان الله ما أكرم الله، الله ينعم عليك يطعمك، ويلهمك الحمد، ويرضى عنك، ينعم عليك، فيسقيك الشربة ويلهمك أن تقول الحمد لله، ويرضى عنك، أجور عظيمة نغفل عنها ونفرط فيها.
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يحي قلوبنا وأن يجري ألسنتنا بذكره وشكره وحسن عبادته .