مما ينبغي تذكره والتفطن إليه في مثل هذه الأيام الفاضلة العظيمة، التي يُحبها الله ويُحب العمل فيها.
خلقَ الله الأيام كلها واختار منها أيامًا، له في هذه الأيام رحمات وبركات يفيضها على العباد وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ
اختار الله هذه الأيام لما فيها من اجتماع أُمات العبادات فيها، فلا وقت تجتمع العبادات كلها إلا في مثل هذه الأزمنة الفاضلة.
أخي المسلم.. مما ينبغي أن يتذكره المسلم ولا يغفل عنه، الحكمة من خلقنا لماذا خلقنا الله سبحانه وتعالى؟ وهذا سؤال يَعرف جوابه بحمد الله كل مسلم صغيرًا وكبيرًا، قال الله : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.
خلقنا الله لنعبده وحده جل في علاه، وإنّ هذا البيان في هذه الآية يزيده توضيحًا آيات أخرى في الكتاب العزيز، بيّن الله لما خلق الموت والحياة، قال الله سبحانه وتعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ.
قال في سورة هود: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا.
الله زيّن هذه الأرض لِمَ؟ قال الله : إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، حسنُ العمل، الإحسان في العمل، المحسنون يحبهم الله، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، هذه الآية بحروفها كُررت في القرآن، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ هذه الآية كررت في القرآن.
البشرى لأهل الإحسان…
الله يأمر محمدًا ﷺ أن يُبشر المحسنين، قال الله: وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ.
الله مع المحسنين، معية خاصة وَإنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ.
الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، قال الله : إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا، والله لا يضيع أجر المحسنين.
الله وعد المحسنين بالحياة الطيبة الكريمة في الدنيا، وفي الآخرة بجنات عدن للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ۚ ولدار الآخرة خير.
الله قال لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ.
إذا دخل أهل الجنة الجنة ورأوا من نعيمها وسرورها وحبورها ما لا يقادر قدره، يقول الله لعباده أرضيتم؟ يقولون وما لنا لا نرضى يا ربنا؟ ثم يقول الله سبحانه وتعالى إن لكم موعدًا لن تخلفوه، فيكشف الجبار الحجاب عن وجهه فيروا الله جل جلاله، وذلك قول الله سبحانه وتعالى: لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ.
يقول الله بعدما ذكر أنواع النعيم الذي يجده أهل الإيمان والسابقون وأهل اليمين، قال : هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ الله يأمر عباده بالإحسان وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، قال الله : وأحسن كما أحسن الله إليك.
الله أحسن إلينا، خلقنا ورزقنا وهدانا أطعمنا وسقانا جل في علاه وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ.
نحن غرقى بنعم الله ، أحسن كما أحسن الله إليك،
روى أبو داوود والبخاري في الأدب المفرد عن أبي عبد الرحمن الحولي عن الصنابحي عن معاذ بن جبل، قال: أخذ رسول الله ﷺ بيدي، فقال: يا معاذ وفي رواية في الأدب المفرد عند البخاري قال: معاذ لبيك يا رسول الله أو قال لبيك، قال رسول الله ﷺوالله إني أحبك، والله إني أحبك -كررها عليه- فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
الدعاء بحسن العبادة أن يكون العبد محسنًا في عبادته.
الله سبحانه وتعالى يريد من عبده إحسان العمل، وهو إتقانه. وقد فسر لنا رسول الله ﷺ الإحسان في الحديث الطويل حديث جبريل، حديث أبي هريرة المخرَّج في الصحيحين وحديث عمر في مسلم، سأل جبريل رسولنا ﷺ عن الإحسان، فقال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك
الإحسان على درجتين:
الدرجة الأولى درجة المشاهدة. تعبد الله كأنك أنت ترى الله.
أن تعبد الله كأنك تراه، تصلي كأنك تشاهد الله ، منزلة المشاهدة تجلس بين يديه تستشعر نظرك لله سبحانه وتعالى وأنت تقرأ القرآن تستشعر نظرك لله ، وأنت تتصدق، وأنت تعمل العمل الصالح.
إذا استحضر المسلم هذا المعنى في صدره، أترون أنه يمل في عبادته؟ أترون أنه يقصر في عبادته؟ لا والله.
فإن عجز المسلم أن يصل إلى هذه المرتبة العالية، أنه يشاهد الله ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
الله تعالى يرانا في كل أحوالنا، الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين،يراك في المساجد، يراك وأنت في بيتك، يراك وأنت في سفرك، يراك في السوق يراك في كل مكان.
إذا استشعر المسلم واستحضر نظر الله أحسن العمل، أحسن العمل وأتقنه.
فإذًا يا عبد الله فليكن هذا الحديث منك على بال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
العاقبة ما هي؟ العاقبة في الدنيا ستحسن العمل وتتقنه وتكثره فيجازيك الله سبحانه وتعالى في دار الدنيا سرورًا في قلبك، ونورًا في وجهك، راحة وطمأنينة، تتنزل عليك ملائكة الله بالسكينة والطمأنينة والراحة هذا في دار الدنيا، وعند الموت تتنزل الملائكة لا تخف ولا تحزن، ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون.
في القبر يكون أنيسك عملك الصالح والملائكة، ويمد للعبد في قبره، يمد له ويتسع قبره مد بصره، وفي يوم القيامة من الذي يتلقاه؟ تتلقاه الملائكة يتلقاه القرآن الذي طالما أظمأه في الهواجر وأسهر ليله فلا يدعه إلا في أعلى المراتب.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المحسنين.
نسأل الله جل في علاه في هذه الأيام الفاضلة العظيمة.
نسأله أن يجعلنا من عباده المحسنين.
اللهم اجعلنا من عبادك المحسنين.
اللهم اجعلنا من عبادك المحسنين.