ايها المسلمون لقد ضرب الله سبحانه وتعالى لنا في هذا الكتاب العزيز من كل مثل بلغ الامثال او بلغت الامثال التي ضربها الله وتعالى في كتابه بضع واربعون مثلا
وامرنا جل جلاله بالتفكر والتذكر والعلم فيها
قال الله سبحانه وتعالى وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم ويقول سبحانه وتعالى وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون
ويقول الله سبحانه وتعالى ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون
ويقول ذكره ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شيء عليم
فتأمل الكتاب العزيز والتدبر في الامثال التي ذكرها الله سبحانه وتعالى
في هذا الكتاب ال بابا من ابواب العلم واليقين
اذا تأمله المسلم
من الامثال التي ضربها الله سبحانه وتعالى لنا في القرآن
بل وامرنا بالاستماع اليه
قال جل جلاله في سورة الحج بعد ما بين الله سبحانه وتعالى التوحيد وادلته ودعاته وما في الحج من معالم التوحيد وان الله سبحانه وتعالى لم ي هذه الفريضة العظيمة على الناس الا لتقرير هذا التوحيد
يقول الله سبحانه وتعالى في اخر هذه السورة يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له
ان الذين تدعون من دون لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له
وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه
ضعف الطالب والمطلوب
ما قدروا الله حق قدره
ان الله لقوي عزيز
هذا المثل العظيم الذي امرنا الله سبحانه وتعالى بالاستماع اليه
من تأمل فيه وتفكر فيه دله على انواع من الهدايات
يقول جل جلاله يا ايها الناس خطاب للناس كلهم
شركه وبعده عن الله وجعله لله اندادا
يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له
قيل في تفسير هذه الاية ضرب مثل بني لما لم يسمى ان الله سبحانه وتعالى يضرب المثل ليتفكر فيه الناس
وقيل في معناها ان الله سبحانه وتعالى قد ضرب المشركون له مثلا خبيثا يساويه بالالهة
كما قال الله سبحانه وتعالى فلا تضربوا لله الامثال
ان الله يعلم وانتم لا تعلمون
ضرب مثل فاستمعوا له
ان الذين تدعون من دون الله كل من عبد من دون الله كان صانما او حجرا او نجما او ملكا او نبيا او وليا كل هؤلاء
ان الذين تدعون الله لن يخلقوا ذبابا لا يستطيعون ان يخلقوا اظعف المخلوقات
واهون المخلوقات الذباب
لا يستطيعون ان يخلقوه
ولا يستطيعون ان يجعلوا فيه روح وهذا لبيان ضعفهم
لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له
لو اجتمع هؤلاء كلهم بل لو اجتمع الخلق كلهم على ان يخلقوا ذبابا
لا يستطيعون لكمال ضعفهم وعجزهم
سأل احد الملوك عالما كان بحضرته في المجلس
وقد وقع على انف الملك ذبابا
فقال هذا الملك لم خلق الله الذباب? لما خلق الله الذباب? قال هذا العالم قال خلق الله الذباب ليرغم به انوف الطغاة والجبابرة
وهذا جواب ناسب الحال والله سبحانه وتعالى يتحدى بهذه الذبابة
يتحدى الخلق جميعا ان يخلقوا مثلها
فان لم يستطيعوا خلق هذه الذبابة
هناك امر اهون من هذا قال الله سبحانه وتعالى وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه
هذا الذباب لو وقع في طعام احدهم او نال من طيبه او منه شيئا لا ان يستنقذه منه جاء عن ابن عباس رضي الله عنه ان المشركين كانوا يطيبون اصنامهم ويجعلون عليها من انواع الطيب ويجعلون عليها من الزعفران وغيره يزينونها فكان الذباب يأتي فيقع في الطعام الذي يوضع للالهة
وينال من الطيب الذي تطيب به الالهة
الهة اصنامهم فاشتد عليهم في ذلك وارادوا ان يطردوه فلم يستطيعوا
قال الله سبحانه وتعالى وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه
وقال من اشتغل بالعلوم تطبيقية ان الذباب جعل الله سبحانه وتعالى فيه خاصة او خاصية انه اذا اخذ شيئا من الاشياء وان صغرت فانه يحولها مباشرة الى مادة اخرى
هذا من عجيب صنع الله سبحانه وتعالى
بمجرد ما يسلب الشيء فانه يفرز عليه مادة تصيره الى شيء اخر
هكذا قالوا الله اعلم بما قالوا ونحن نؤمن بان الخلق جميعا لو ارادوا ان يسلبوا شيئا من الذباب لا يستطيعون
قال الله سبحانه وتعالى ضعف الطالب والمطلوب
من الطالب? قال العلماء الطالب هو الصنم والالهة والمطلوب هو الذباب
وقيل الطالب هو من يعبد هؤلاء الاصنام
والمطلوب هي الاصنام لانهم يعبدونها ليرجون نفعها ونوالها
فالله سبحانه وتعالى بين ضعف هؤلاء جميعا انزل مثال
وهو الا وهي الذبابة فالخلق هم في ضعف وفي غاية الضعف
الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة الايات
فالناس جميعا هم الضعفاء
والله سبحانه تعالى هو القوي العزيز
يرينا الله سبحانه وتعالى قوته
وسطوته في احقر مخلوقاته
ثم قال الله سبحانه وتعالى ما قدروا الله حق قدره
وهذه الاية هذا من الاية ما قدروا الله حق قدره كرره الله سبحانه وتعالى في القرآن ثلاث مرات
يقول سبحانه وتعالى في سورة الانعام ما خلقوا ما قدروا الله حق قدره اذ قالوا ما انزل الله على بشر من شيء
ويقول سبحانه وتعالى في اواخر سورة الزمر وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون
ويقول الله سبحانه وتعالى في هذا الموطن من سورة الحج ما قدروا الله حق قدره ان الله لقوي عزيز
اذا علم المسلم ان الله سبحانه وتعالى هو القوي
وهو العزيز فان القلب يلتفت الى الله وتعالى ويتبتل اليه تبتيلا ولا يلتفت للخلق مهما عظموا عند الناس وما جلوا ومهما جلوا في قلوبهم فان المسلم المبصر للحقائق العاقل عن الله يظهر الله سبحانه وتعالى لنا قوته في امور كثيرة
ومنها ما ينتشر من هذه الاوبئة وهذه الامراض الناس على ما توصلوا اليه وما فتح الله سبحانه وتعالى لهم من علوم ومعارف وتطور في اشياء يقفون عاجزين عند امر اراده الله سبحانه وتعالى فالله هو الذي يدبر الكون
الله اذا اراد امرا انفذه جل في علاه