معاشر المؤمنين اخرج الإمام الترمذي من طريق الليث ابن سعد عن قيس ابن الحجاج عن حنش ابن عبد الله الصنعاني عن عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن عن عبد الله بن عباس قال كنت خلف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده اتجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وان الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف قال الترمذي حديث حسن صحيح ولهذا الحديث روايات عند غير الترمذي وفيها تتعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك معاشر المؤمنين هذا الحديث الذي توارد العلماء على الثناء عليه وعلى ما فيه من معان من عظيمة الملسم بأمس الحاجة إليها قال الإمام النووي هذا حديث عظيم وقع وقال غيره أما هذا الحديث أصل في بيان الشرع والقدر هذا الحديث الذي يرويه حبر الأمة كان غلاما والغلام من الفطام حتى يبلغ التسع سنين وقد يطلق وقد يطلق على غير ذلك تجوزا غلام النبي – صلى الله عليه وسلم – يعلمه هذه الكلمات العظيمات يقول عبد الله ابن عباس كنت خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – وهذا يحتمل أنه كان رديف النبي – صلى الله عليه وسلم – على دابة ويحتمل أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يمشي وكان خلفه عبد الله ابن عباس قال يا غلام نداء له وتلطف وحسن تأديب وتعليم من نبينا – صلى الله عليه وسلم – يا غلام إني أعلمك كلمات حتى ينتبه لهذه الكلمات أعلمك كلمات والتقدير كلمات عظيمة وقعها عظيم يحتاج المسلم والمؤمن في تكوين إيمانه وطريقه إلى الله – عز وجل – إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله يحفظك الله – سبحانه وتعالى – هو الحفيظ أليس الله بكاف عبده ؟ بلى والله الله كاف لعباده جميعا فكيف بالإنسان الضعيف ؟ أن يحفظ الله جل جلاله حفظ الله جل جلاله يكون من المسلم بحفظ أوامر الله جل جلاله وبحفظ نواهي الله التي زجر عنها ونهى عنها المسلم يحفظ الأوامر ويجتنب النواهي هكذا يكون حفظ الله – سبحانه وتعالى – أن يحفظ المسلم ربه بأن ينظر إلى الأوامر التي أمر الله – سبحانه وتعالى – بها فيحفظها غاية الحفظ ويرعاها غاية الرعاية وينظر إلى ما نهى الله – سبحانه وتعالى – عنه فيكون أبعد الناس عنه ويحذر الناس منه بقدر ما يكون المسلم بهذه المنزلة يتحقق له الوعد من حفظ الله – سبحانه وتعالى – إذا حفظ العبد ربه في هذه الأمور الله جل جلاله يحفظ العبد يحفظ عليه دنياه يحفظ صحته يحفظ عليه أبناؤه يحفظ عليه ماله هذا حفظ دنيوي وثمة حفظ ديني أخروي هو أعظم من الأول يحفظ الله – سبحانه وتعالى – عليك يحفظ عليك إيمانك يحفظ عليك صلاتك يحفظ عليك دينك يحفظ عليك حسناتك يصرف عنك من السوء والفحشاء والمنكرات بقدر ما تحفظ ربك جل جلاله السنا نقرأ في القصة العظيمة التي أفرج الله – سبحانه وتعالى – لها سورة في الكتاب العزيز يوسف – عليه السلام – يوسف – عليه السلام – لما – حفظه الله – وصرف عنه السوء منكرات وبلاء وفتن عصمه الله وحفظه كيف حفظ ؟ يقول الله – سبحانه وتعالى – كذلك ما سمعتم من قصته كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء لم يا الله ؟ أنه من عبادنا المخلصين وفي قراءة أنه من عبادنا المخلصين أخلص لله حفظ أمره حفظ نهيه – حفظه الله – – سبحانه وتعالى – نبينا – صلى الله عليه وسلم – كان في بداية الأمر كان يحرس كان الصحابة يحرثونه عليه الصلاة والسلام لما أنزل الله – سبحانه وتعالى – أليس الله بكاف عبده ؟ النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر بأن ينصرف الحراس الله جل جلاله هو الذي يحفظه أليس الله بكاف عبده ؟ بلى والله الله – سبحانه وتعالى – كاف عبده فالله – سبحانه وتعالى – أن حفظت دينه حفظ عليك دينك وحفظ عليك دنياكفلا ينفذ إليك السوء ولا الفحشاء ولا المنكراتلانك حفظت الله – سبحانه وتعالى – وهذا المعنى أشير إليه في الحديث في صحيح البخاري من حديث عطاء عن أبي هريرة – رضي الله عنه – في الحديث حديث الولي الطويل من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب ثم قال النبي – صلى الله عليه وسلم – أو قال الله كما هو في الحديث القدسي فإذا وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه أكثر فعل الفرائض ازداد من فعل النوافل ماذا يحدث بعد ذلك ؟ ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وهذا من معانيه أن الإنسان لا يجد ميلا لمعصية من المعاصي فهو بالله يسمع وبالله يبصر وبالله يبطش وبالله يمشي فتكون أعماله وفق مراداة الله – سبحانه وتعالى – نسأل الله العظيم من فضله العظيم.
احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك تجده أمامك قريب منك الله – سبحانه وتعالى – له معية خاصة لأوليائه لعباده المؤمنين لعباده المحسنين أن الله لمع المحسنين أن مع الذين اتقوا والذين هم محسنون الله – سبحانه وتعالى – يكون معك جل جلاله يحفظك ينصرك يدلك على الخير يهديك يوفق إذا حفظت الله – سبحانه وتعالى – احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله هذا الأمر للوجوب فيما لا يقدر عليه إلا الله وهو للاستحباب والحث والندب في غير ذلك فيما يقدر عليه الناس على تفاصيل في هذا ذكرها أهل العلم إذا سألت فاسأل الله المسلم لا ينفك عن حوائج هو بأمس الحاجة إليها ومفتقر إليها بعض الناس إذا نزلت به حاجة أول ما يصنع وما يخطر بباله أن يتجه للناس يسأل فلان لأنه وجيه يسأل الآخر لأنه قريب من صاحب قرار أو صاحب مال حتى يساعدوه ولا يخطر بباله أن ينزل حوائجه وفاقته بالله أول ما تنزل حاجتك بالله جل جلاله فالله سبحانه يفرح بسؤالك يقول الله – سبحانه وتعالى – وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان أنزل حوائجك بالله – سبحانه وتعالى – اسأل الله الصحابة رضي الله عنهم كانوا ينزلون حوائجهم بالله – سبحانه وتعالى – حتى أدق الأمور كانوا يسألون الله – سبحانه وتعالى – لان سؤال الله عبادة حتى ولو تطلبت أمرا دنيويا فأنزلت حاجتك بالله أنت متعبد لله جل جلاله حتى وإن طال سؤالك بالله – سبحانه وتعالى – لحاجة من حوائجك قال أحد السلف يا مسلم يا عبد الله بارك الله لك في حاجة سألت الله فيها كثيرا قد يحبس الله – سبحانه وتعالى – عنك حاجة من الحوائج تمكث تسأل ربك جل جلاله السنة بعد السنة هذا أجر عظيم جدا هذا الإلحاح ودعاء الله – سبحانه وتعالى – وربما أيقظتك بعض الحوائج في جوف الليل تسأل الله – سبحانه وتعالى – هذا السؤال وهذا الانطراح بين يدي الله أعظم من حاجتك التي كنت تسألها لسنوات إذا سألت فاسأل الله لا ينصرف قلبك إلى الناس الناس مجرد ضعفاء مساكين الله – سبحانه وتعالى – يقول عن الناس يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله كيف تتجه إلى فقراء ؟ لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا وأنت ما بينك وبين إلا أن تسجد بين يديه فتكون فيكون الله – سبحانه وتعالى – قريب منك واسجد واقترب أن يستجاب له في السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم يعني حري أن يستجاب لكم وإذا استعنت فاستعن بالله إذا طلبت العون فاطلب من الله العون وطلب العون من الله من أخص العبادات وأعظم العبادات التي يطلبها المسلم في اليوم والليلة عشرات المرات أرأيتم أن الله فرض علينا في كل صلاة أن نقرأ الفاتحة الفاتحة فيها إياك نعبد وإياك نستعين نقولها في كل صلاة إياك نستعين يعني نستعين بك يا الله ولا نست بغيرك هذه عبودية من أخص العبوديات أن تنقطع عن الناس وتستعين بالله جل جلاله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك الأمور بيد الله جل جلاله يقدر – سبحانه وتعالى – ما يشاء يخفض الأمر ويرفعه يعز من يشاء يذل من يشاء يرزق من يشاء بغير حساب قل اللهم مالك الملك تأتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير أنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ذلكم الله ربكم الأمور بين يديه – سبحانه وتعالى – الواجب علينا أن نعظم الله جل جلاله وأن نعلم أن الأمور بيده جل جلاله وان الناس كل الناس لا يستطيعون أن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك هذه الحقيقة – بحمد الله – كل مسلم يعلمها ويعرفها وربما تكلم بها وعلم الناس بها ولكن حقائق القلب والايقان بهذه الحقيقة العظيمة ترى في سلوك المسلم ترى إذا نزلت بالمسلم فاق وحاجة أين ينزلها ؟ إلى من يبثها ؟ إلى من يقولها أعظم من حقق ذلك أنبياء الله يعقوب – عليه السلام – لما أصيب في أخص أبنائه ماذا قال ؟ قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله واعلم من الله ما لا تعلمون إذا كان المسلم كلما أصابه ضراء انزلها بالله سراء انزلها بالله قريبا من الله – سبحانه وتعالى – فليبشر بالخير وبالفلاح وبالهناء وبالطمأنينة وبالسكينة وبالسعادة إما أن يتفرق القلب عند فلان وفلان وفلان فليبشر بالشقاء والنكد والعذاب وهذا من أخص معاني التوحيد التي أبدى الله – سبحانه وتعالى – فيها في الكتاب العزيز قال النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يعلم الغلام بكلمات الأمة بأسرها بحاجة إليها واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف وهذا كناية عن أن الأمور قد فرغ منها كتبها الله – سبحانه وتعالى – وقدرها وشاءها وعلمها جل جلاله منذ الأزل فلننصرف إلى الله – سبحانه وتعالى – طلبا منه واستعانة به وتوكلا عليه ولجأ إليه فبقدر هذا التوجه وبقدر هذا الانصراف إلى رب الأرباب ترى منى السعادة والرضا في الدنيا قبل الآخرة الصحابة رضي الله عنهم لما امتلأت قلوبهم بهذه المعاني كانوا أناسا يمشون في الأرض وكأنهم في الجنان مع فقر وحاجة وشدة ولأواء عانوا في حروب وفي فقر ومع ذلك علموا البشرية السعادة والهناء والرضا يقول سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه يقول والله لقد أكلنا ورق الشجر حتى تقرحت أشداقنا كانوا في فاقة وفي شدة كان أحدهم ربما قضى حاجته فسمع وقع الماء على الأرض على غير تراب ففتش فإذا بجلد يابس فيميط الأذى عنه ويأكله في حصار الشعب جوع وخوف ومع ذلك كانوا من أسعد الناس واهنأه الناس عيشا يقول أحدهم جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ويقول أحد أتباعهم بإحسان لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدون عليه بالسيوف يقول أحدهم وهو في حبسه في سجنه تقي الدين شيخ الإسلام ابن تيمية يقول في رسالة لوالدته وهو محبوس يقول بسم الله الرحمن الرحيم وأما بنعمة ربك فحدث والذي أريد أن أفيد به الإخوان أننا في نعم من الله عظيمة لم تكن تخطر لنا ببال يقول هذا الكلام أين ؟ وهو محبوس ومات في حرسه الجنة هي جنة القلب أن يمتعك الله جل جلاله بأن تتذلل إليه وتكون عبدا له هنا السعادة وهنا الراحة أما عرض الدنيا مال منصب سرعان ما يذهب ويزول لكن الذي لا يزول هو كل ما تعلق بالله كلما تعلقت بالله أتاك الخير من حيث لا تحتسب دلنا الله وإياكم إلى مرضاته وطاعته وحقق الإيمان والتوكل واليقين والاستعانة في قلوبنا بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من المواعظ والذكر الحكيم.